Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia
شرح نهج البلاغة
Editor
محمد عبد الكريم النمري
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1418 AH
Ubicación del editor
بيروت
ثم قال : المال والبنون حرث الدنيا ، وهو من قوله سبحانه : ' المال والبنون زينة الحياة الدنيا ' ، ومن قوله تعالى : ' من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب ' .
قال : وقد يجمعهما الله لأقوام ، فإنه تعالى قد يرزق الرجل الصالح مالا وبنين ، فتجتمع له الدنيا والآخرة .
ثم قال : فاحذروا من الله ما حذركم من نفسه ، وذلك لأنه تعالى قال : ' فاتقون ' ، وقال : ' فارهبون ' ، وقال : ' فلا تخشوا الناس واخشون ' ، وغير ذلك من آيات لتحذير .
ثم قال : ولتكن التقوى منكم أقصى نهايات جهدكم ، لا ذات تقصيركم ، فإن العمل القاصر قاصر الثواب ، قاصر المنزلة .
النهي عن الحسد
واعلم أن مصدر هذا الكلام النهي عن الحسد ، وهو من أقبح الأخلاق المذمومة . وروى ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم : ' ألا لا تعادوا نعم الله ' ، قيل : يا رسول الله ، ومن الذي يعادي نعم الله ؟ قال : ' الذين يحسدون الناس ' .
وكان ابن عمر يقول : تعوذوا بالله من قدر وافق إرادة حسود .
قيل لأرسطو : ما بال الحسود أشد غما من المكروب ؟ قال : لأنه يأخذ نصيبه من غموم الدنيا ، ويضاف إلى ذلك غمه بسرور الناس .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ' استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان ، فإن كل ذي نعمة محسود ' ، وقال منصور الفقيه :
منافسة الفتى فيما يزول . . . على نقصان همته دليل
ومختار القليل أقل منه . . . وكل فوائد الدنيا قليل
ومن الكلام المروي عن أمير المؤمنين عليه السلام : لله در الحسد ! ما أعدله ! بدأ بصاحبه فقتله .
ومن كلام عثمان بن عفان : يكفيك من انتقامك من الحاسد أنه يغتم وقت سرورك .
وقال مالك بن دينار : شهادة القراء مقبولة في كل شيء إلا شهادة بعضهم على بعض ، فإنهم أشد تحاسدا من السوس في الوبر ، وقال أبو تمام :
وإذا أراد الله نشر فضيلة . . . طويت ، أتاح لها لسان حسود
لولا اشتعال النار فيما جاورت . . . ما كان يعرف طيب عرف العود
Página 188