167

Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia

شرح نهج البلاغة

Editor

محمد عبد الكريم النمري

Editorial

دار الكتب العلمية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1418 AH

Ubicación del editor

بيروت

ومنها : ألا لا يعدلن أحدكم عن القرابة يرى بها الخصاصة أن يسدها بالذي لا يزيده إن أمسكه ، ولا ينقصه إن أهلكه . ومن يقبض يده عن عشيرته ؛ فإنما تقبض منه عنهم يد واحدة ، وتقبض منهم عنه أيد كثيرة ، ومن تلن حاشيته يستدم من قومه المودة .

قال الرضي رحمه الله : أقول : الغفيرة ههنا الزيادة والكثرة ، من قولهم للجمع الكثير : الجم الغفير ، والجماء الغفير . ويروى : عفوة من أهل أومال ، والعفوة : الخيار من الشيء ؛ يقال : أكلت عفوة الطعام ، أي خياره .

وما أحسن المعنى الذي أراده عليه السلام بقوله : ومن يقبض يده عن عشيرته . . . إلى تمام الكلام ، فإن الممسك خيره من عشيرته ، إنما يمسك نفع يد واحدة ، فإذا احتاج إلى نصرتهم واضطر إلى مرافدتهم ، قعدوا عن نصره ، وتثاقلوا عن صوته ، فمنع ترافد الأيدي الكثيرة وتناهض الأقدام الجمة .

الشرح : الفالج : الظافر الفائز ، فلج يفلج ، بالضم ، وفي المثل : من يأت الحكم وحده يفلج . والياسر : الذي يلعب بالقداح ، واليسر مثله ، والجمع أيسار . وفي الكلام تقديم وتأخير ، تقديره : كالياسر الفالج ، أي كاللاعب بالقداح المحظوظ منها ، وهو من باب تقديم الصفة على الموصوف ، كقوله تعالى : ' وغرابيب سود ' ، وحسن ذلك ههنا أن اللفظتين صفتان ، وإن كانت إحداهما مرتبة على الأخرى .

وقوله : ليست بتعذير ، أي ليست بذات تعذير ، أي تقصير ، فحذف المضاف ، كقوله تعالى : ' قتل أصحاب الأخدود ، النار ' أي ذي النار .

وقوله : هم أعظم الناس حيطة ، كبيعة ، أي رعاية وكلاءة ، ويروى : حيطة ، كغيبة ، وهي مصدر حاط أي تحننا وتعطفا . والخصاصة : الفقر ، يقول : القضاء والقدر ينزلان من السماء إلى الأرض كقطر المطر ، أي مبثوث في جميع أقطار الأرض إلى كل نفس بما قسم لها من زيادة أو نقصان ، في المال والعمر والجاه والولد وغير ذلك . فإذا رأى أحدكم لأخيه زيادة في رزق أو عمر أو ولد وغير ذلك ، فلا يكونن ذلك له فتنة تفضي به إلى الحسد ، فإن الإنسان المسلم إذا كان غير مواقع لدناءة وقبيح يستحي من ذكره بين الناس ، ويخشع إذا قرع به ، ويغرى لئام الناس بهتك ستره به ، كاللاعب بالقداح ؛ المحظوظ منها ، ينتظر أول فوزة وغلبة من قداحه ، تجلب له نفعا ، وتدفع عنه ضرا ، كذلك من وصفنا حاله ، يصبر وينتظر إحدى الحسنيين ، إما أن يدعوه الله فيقبضه إليه ، ويستأثر به ، فالذي عند الله خير له . وإما أن ينسأ في أجله ، فيرزقه الله أهلا ومالا ، فيصبح وقد اجتمع له ذلك مع حسبه ودينه ومروءته المحفوظة عليه .

Página 187