Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia
شرح نهج البلاغة
Investigador
محمد عبد الكريم النمري
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1418 AH
Ubicación del editor
بيروت
وأما عن في قوله : عن السرار فهي للمجاوزة على حقيقة معناها الأصلي ، أي منتقلين عن السرار ومتجاوزين له .
وقوله عليه السلام : وقر سمع ، هذا دعاء على السمع الذي لم يفقه الواعية بالثقل والصمم ، وقرت أذن زيد ، بضم الواو فهي موقورة ، والوقر ، بالفتح : الثقل في الأذن ، وقرت أذنه - توقر وقرا أي صمت ، والمصدر في هذا الموضع جاء بالسكون ، وهو شاذ ، وقياسه التحريك بالفتح ، نحو ورم ورما . والواعية : الصارخة ، من الوعاء ، وهو الجلبة والأصوات ، والمراد العبر والمواعظ .
قوله : كيف يراعي النبأة ، هذا مثل آخر ، يقول : كيف يلاحظ ويراعي العبر الضعيفة من لم ينتفع بالعبر الجلية الظاهرة ، بل فسد عندها ، وشبه ذلك بمن أصمته الصيحة القوية ؛ فإنه محال أن يراعي بعد ذلك الصوت الضعيف . والنبأة : هي الصوت الخفي .
فإن قيل : هذا يخالف قولكم : إن الاستفاد لا يجوز على الحكيم سبحانه ، فإن كلامه عليه السلام صريح في أن بعض المكلفين يفسد عن العبر والمواعظ .
قيل : إن لفظة أفعل قد تأتي لوجود الشيء على صفة ، نحو أحمدته ، إذا أصبته محمودا . وقالوا : أحييت الأرض ، إذا وجدتها حية النبات ، فقوله : أصمته الصيحة ، ليس معناه أن الصيحة كانت علة لصممه ، بل معناه صادفته أصم ، وبهذا تأول أصحابنا قوله تعالى : ' وأضله الله على علم ' .
قوله : ربط جنان لم يفارقه الخفقان ، هذا مثل آخر ، وهو دعاء لقلب لا يزال خائفا من الله يخفق بالثبوت والاستمساك .
قوله : ما زلت أنتظر بكم ، يقول : كنت مترقبا غدركم متفرسا فيكم الغرر ، وهو الغفلة .
وقيل : إن هذه الخطبة خطبها بعد مقتل طلحة والزبير ، مخاطبا بها ، لهما ولغيرهما من أمثالهما ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر ، بعد قتل من قتل من قريش . ' يا عتبة ابن ربيعة ، يا عمرو بن هشام ' ، وهم جيف منتنة قد جروا إلى القليب .
قوله : سترني عنكم ، هذا يحتمل وجوها ، أوضحوا أن إظهاركم شعار الإسلام عصمكم مني علمي بنفاقكم ، وإنما أبصرت نفاقكم وبواطنكم الخبيثة بصدق نيتي . كما يقال : المؤمن يبصر بنور الله . ويحتمل أن يريد : سترني عنكم جلباب ديني ، ومنعني أن أعرفكم نفسي وما أقدر عليه من عسفكم ، كما تقول لمن استهان بحقك : أنت لا تعرفني ولو شئت لعرفتك نفسي .
Página 131