277

Explicación Breve del Jardín

شرح مختصر الروضة

Editor

عبد الله بن عبد المحسن التركي

Editorial

مؤسسة الرسالة

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قَوْلُهُ: " بِدَلِيلِ عَدَمِ جَوَازِ تَقْلِيدِ الْمُجْتَهِدِ مِثْلَهُ " هَذَا تَقْرِيرٌ لِكَوْنِ الظَّنِّ مَنَاطَ التَّعَبُّدِ، أَيْ: يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الظَّنَّ مَنَاطُ التَّعَبُّدِ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يَجُوزُ لَهُ تَقْلِيدُ مُجْتَهِدٍ مِثْلِهِ، كَمَا ذَكَرَ فِي آخِرِ " الْمُخْتَصَرِ "، وَيَأْتِي تَقْرِيرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ﷾. وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِأَنَّ ظَنَّ الْمُجْتَهِدِ جُعِلَ مَنَاطًا لِتَعَبُّدِهِ، فَأَيُّ شَيْءٍ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ، كَانَ ذَلِكَ هُوَ حُكْمُ اللَّهِ فِي حَقِّهِ. وَالَّذِي يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّ غَيْرِهِ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ لَيْسَ بِحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى فِي حَقِّهِ، بَلْ فِي حَقِّ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ، لِجَوَازِ تَفَاوُتِ الِاجْتِهَادَيْنِ بِأَنْ يُخْطِئَ أَحَدُهُمَا، وَيُصِيبَ الْآخَرُ، فَأُلْزِمَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُقْتَضَى اجْتِهَادِهِ، لِأَنَّهُ كَسْبُهُ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ. لَهُ غُنْمُهُ، وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ. فَكَذَلِكَ نَقُولُ فِي حَقِّ هَذَا الْمُكَلَّفِ الْمَذْكُورِ: يَلْزَمُهُ مُقْتَضَى ظَنِّهِ، لِأَنَّهُ مَنَاطُ تَكْلِيفِهِ، بِدَلِيلِ شَوَاهِدِ الشَّرِيعَةِ، فَهُوَ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى فِي حَقِّهِ، دُونَ مَا ثَبَتَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ مِنَ الْمُكَلَّفِينَ.
وَذَكَرَ الْآمِدِيُّ فِي الرَّدِّ عَلَى الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ طَرِيقَةً أُخْرَى، وَهِيَ أَنَّ جَمِيعَ الْوَقْتِ كَانَ وَقْتًا لِلْأَدَاءِ قَبْلَ ظَنِّ الْمُكَلَّفِ تَضْيِيقَهُ بِالْمَوْتِ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ، ثُمَّ ظَنَّ الْمُكَلَّفُ الْمَذْكُورُ إِنَّمَا أَثَّرَ فِي تَأْثِيمِهِ بِالتَّأْخِيرِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَأْثِيمِهِ بِالتَّأْخِيرِ مُخَالَفَةُ الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ بَقَاءُ الْوَقْتِ الْأَصْلِيِّ وَقْتًا لِلْأَدَاءِ فِي حَقِّهِ، كَمَا لَوْ أَخَّرَ الْوَاجِبَ الْمُوَسَّعَ مِنْ غَيْرِ عَزْمٍ، فَإِنَّ وَقْتَ الْأَدَاءِ الْأَصْلِيِّ بَاقٍ فِي حَقِّهِ، وَقَدْ وَافَقَ الْقَاضِي عَلَى ذَلِكَ.

1 / 328