276

Explicación Breve del Jardín

شرح مختصر الروضة

Editor

عبد الله بن عبد المحسن التركي

Editorial

مؤسسة الرسالة

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الزَّمَنَ الَّذِي بَقِيَ هُوَ آخِرُ حَيَاتِهِ، فَإِذَا كَذَبَ ظَنُّهُ، وَاسْتَمَرَّتْ حَيَاتُهُ، صَارَ كَمَا لَوْ مَاتَ، ثُمَّ عَاشَ فِي الْوَقْتِ، فَإِنَّهُ يَفْعَلُ الصَّلَاةَ بِتَكْلِيفٍ ثَانٍ، مُنْقَطِعٍ عَنِ الْأَوَّلِ، فَكَذَلِكَ هَاهُنَا، يَنْقَطِعُ حُكْمُ الْأَدَاءِ بِظَنِّ الْمَوْتِ، وَيَتَضَيَّقُ الْوَقْتُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَتَكُونُ حَيَاتُهُ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ، كَالْمُسْتَجَدَّةِ فِي زَمَنٍ مُسْتَأْنَفٍ، وَنَشْأَةٍ ثَانِيَةٍ.
وَلَهُ أَنْ يَقُولَ فِي الْإِلْزَامِ الثَّانِي: يَعْصِي بِالتَّأْخِيرِ الَّذِي ظَنَّهُ إِلَى آخِرِ الْوَقْتِ - وَلَمْ يَكُنِ الْوَقْتُ قَدْ دَخَلَ بَعْدُ - لِعُدُولِهِ عَمَّا ظَنَّهُ الْحَقَّ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَهُوَ أَنَّهُ ظَنَّ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى أَنَّ الْوَاجِبَ لَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِهِ إِلَّا قَدْرُ فِعْلِهِ، فَلَمَّا عَدَلَ عَنْهُ بِالتَّأْخِيرِ، صَارَ مُخَالِفًا، فَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ مَنْ ظَنَّ الْحَقَّ ظَنًّا صَحِيحًا مُطَابِقًا، ثُمَّ عَدَلَ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ، ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَخَّرَ الْوَاجِبَ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهُ، فَجَرَى عَلَيْهِ حُكْمُ مَنْ خَالَفَ الظَّنَّ الْمُطَابِقَ، لِأَنَّ الظَّنَّ مَنَاطُ التَّعَبُّدِ، أَيْ: مُتَعَلِّقُ التَّعَبُّدِ، لِأَنَّ الشَّرْعَ عَلَّقَ التَّعَبُّدَاتِ بِوُجُودِ الظُّنُونِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُطَابِقَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَقَالَ مَثَلًا: إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّكُمْ أَنَّ هَذِهِ جِهَةُ الْقِبْلَةِ فَصَلُّوا إِلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَهَا، وَلَوْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ لَمْ يَأْثَمْ، وَلَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً أَثِمَ، وَإِنَّمَا يَسْقُطُ الْحَدُّ لِمُصَادَفَةِ الْمَحَلِّ الْقَابِلِ، كُلُّ هَذَا تَعْلِيقًا لِلْأَحْكَامِ بِالظَّنِّ وَالِاعْتِقَادِ.
وَبِالْجُمْلَةِ، فَقَدْ أُرِيقَتِ الدِّمَاءُ، وَاسْتُبِيحَتِ الْفُرُوجُ، وَمُلِكَتِ الْأَمْوَالُ شَرْعًا، بِنَاءً عَلَى ظَوَاهِرِ النُّصُوصِ، وَالْعُمُومَاتِ وَالْأَقْيِسَةِ وَأَخْبَارِ الْآحَادِ، وَالْبَيِّنَاتِ الْمَالِيَّةِ. وَإِنَّمَا يُفِيدُ ذَلِكَ جَمِيعُهُ الظَّنَّ، وَلَيْسَ الْأَمْرَانِ اللَّازِمَانِ لِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِأَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، فَيَثْبُتَانِ بِمُقْتَضَى ظَنِّ الْمُكَلَّفِ الْمَذْكُورِ، الَّذِي جُعِلَ هُوَ وَحَقِيقَتُهُ مَنَاطًا لِلْأَحْكَامِ شَرْعًا.

1 / 327