329

Explicación de los hitos en los fundamentos de la jurisprudencia islámica

شرح المعالم في أصول الفقه

Editor

الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، الشيخ علي محمد معوض

Editorial

عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع

Edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٩ هـ - ١٩٩٩ م

Ubicación del editor

بيروت - لبنان

Géneros

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذلِكَ -فَالاسْتِثنَاءُ الثانِي: إِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الأوَّلِ، أَوْ مُسَاويًا لَهُ- عَادَ أَيضًا إِلَى الأَوَّلِ؛ كَقَوْلِكَ: "لِفُلانٍ عَلَى عَشَرَةْ إِلَّا أَرْبَعَةً إِلَّا خَمْسَة".
===
وهذا المعنى لا يتحقق في المساوي؛ فوجب البقاءُ على الأَصل.
احتج المُجَوِّزُونَ: بأنه لو قال: له على عشرةُ دراهمَ إلَّا تسعةً- لزمه دِرْهَمٌ واحد بإجماع علماءِ الأمصارِ.
ورُدَّ: بأنه تفريعٌ على هذا المَذهَبِ، واستَبعَدَ دعْوى الإجماع مع خلافِ أَحمَدَ وَغَيرِهِ.
قوله: لو صحَّ تخصيصُ الأكثر فيصحُّ استثناؤه؛ لأنَّ معناهما واحد.
ورُدَّ: بأنه قياسٌ في اللُّغَةِ.
قالوا: قد سُمِعَ من العرب قولُ الشاعر [من البسيط]
أَدُّوا الَّتِي نَقَصَت تِسعِينَ مِن مائَةٍ ... ثُمَّ ابعَثُوا حَكَمًا بِالْحَقِّ قَوَّالًا
هو في معنى الاستثناء.
ورُدَّ: بأَنهُ قياس، وأيضًا فلا تَثْبُتُ هذه القاعِدَةُ ببيتِ شعرٍ غيرِ صريح.
احتجوا بقوله تعالى: ﴿قَال فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْويَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ [ص ٨٢ - ٨٣]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيسَ لَكَ عَلَيهِمْ سُلْطَانٌ إلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوينَ﴾ [الحجر: ٤٢]؛ حيث استثنى الغاوين مَرَّةً والمُخْلَصِينَ مَرَّةً.
وأيَّامًا كان أكثر لَزِمَ استثناءُ الأكثرِ من الأَقَل، كيف والغاوون أَكْثَرُ؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [يوسف: ١٠٣] ﴿وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾ [الأعراف: ١٧].
ورُدَّ عليه: أن قوله تعالى: ﴿وَلَأُغْويَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [ص: ٨٢] المُرَادُ منه ذُرِّيَّهُ آدَمَ ﵇؛ بدليل قوله تعالى: ﴿لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إلا قَلِيلًا﴾ [الإسراء ٦٢]، وأن المخلصين إما المَعصُومُونَ وهم الأنبياءُ، وإما الصالحون.
وأيًّا ما كان، فهو استثناءُ الأَقَلِّ.
وأمَّا قوله تعالى: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيسَ لَكَ عَلَيهِمْ سُلْطَانٌ﴾ [الحجر ٤٢]، فظاهِرٌ أَنَّ إضافَةَ العِبَادِ ها هنا: إضافَةُ تشريف، وهم المخلصون.
وحينئذ: يتعيَّنُ أن يكونَ قوله: ﴿إلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوينَ﴾ [الحجر ٤٢] استثناء مُنقَطِعًا؛ كقولك: مِن أَين أتيت؟ .
فإن قيل: فقد مَنَعَ قَوْمٌ وقوعَ الاستثناءِ المُنْقَطِعِ في القرآن والشِّعْرِ، ورَدُّوا جَمِيعَ ذلك إلى المُتَّصِلِ.

1 / 489