109

Shama'il al-Rasul

شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

Editorial

دار القمة

Número de edición

-

Ubicación del editor

الإسكندرية

Géneros

الفائدة الثالثة: إثبات أن كفر المشركين يعود جلّه إلى العناد والاستكبار عن الحق، وليس إلى عدم رؤيتهم الآيات الدالة على صدق النبي ﷺ في التبليغ عن ربه. فالحاصل أنهم كانوا يوقنون أن النبي ﷺ لم ير بيت المقدس من قبل، وإلا لما سألوه عن أوصافه، وإنما سألوه ليعجزوه ويظهروا عدم صدقه في خبر إسرائه، وكان من المفترض مع كل جواب للنبي ﷺ أن يزدادوا تصديقا به وتشككا فيما هم عليه من مسلك، ولكن هذا لم يحدث، لما انطويت عليه قلوبهم من الحسد والعناد. والغريب أيضا في الأمر، أنه ما قال لهم: إنه مكث أياما في بيت المقدس، أو حتى يوما واحدا بل أخبرهم ﷺ أنه دخل المسجد وصلى بالأنبياء في جزء من الليل، فهل الذي يدخل مكانا مثل بيت المقدس في مثل هذا القدر من الزمان بهدف الصلاة، هل يقدر أن يجيب عن كل سؤال يوجّه له؟ خاصة إذا كان السائل يريد تعجيزه، بالطبع لا يستطيع. فأقول: كان على الكفار لما سمعوا الإجابات الشافية عن كل أسئلتهم ألا يصدقوا فقط بصدق قصة الإسراء، بل كان عليهم أن يعتقدوا أن النبي ﷺ إنما أوحي إليه بأجوبة أسئلتهم، ولكن أين العقول؟. الفائدة الرابعة: ثبوت بشرية النبي ﷺ وأنه لا يعلم الغيب، في قليل أو كثير، وأن الله ﷿ هو الذي يؤيده بالمعجزات، وأنه ﷺ يعتريه ما يعتري البشر من عدم التثبت من أشياء رآها سريعا، ودليل كل ذلك، أن النبي ﷺ لما سئل عن أشياء لم يثبتها في حافظته كرب كربا شديدا، فكيف نثبت له علم أشياء لم يرها أصلا، أو لم يسمع بها من قبل؟. فكل ما يتكلم به النبي ﷺ من ماض أو مستقبل، أو حتى حاضر لم يره، فهو قطعا وحي من الله ﷿، ولا داعي أن يقول النبي ﷺ في كل مرة: إن الله تعالى أوحى لي بكذا وكذا، ولكن هذا معلوم لنا من الدين بالضرورة، علمناه من صريح آيات الكتاب الكريم، مثل قوله تعالى: وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ [الأنعام: ٥٩]، وعلمناه أيضا من وقائع كثيرة حدثت في السنة الشريفة، مثل واقعة الحديث الذي معنا، وغير ذلك مما ذكرته متفرقا في هذا الكتاب. ٤- انشقاق القمر: قال تعالى: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ [القمر: ١] . عن ابن مسعود قال: انشقّ القمر على عهد رسول الله ﷺ فرقتين فرقة فوق الجبل،

1 / 114