108

Shama'il al-Rasul

شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

Editorial

دار القمة

Número de edición

-

Ubicación del editor

الإسكندرية

Géneros

الخارقات للعقول والعادات، والتي هي للأعداء مفحمات ملزمات، وللأصحاب مقويات مثبّتات، ويتضح ذلك من: ١- سماع الله ﷿ لتحدي الكفار لنبيه ﷺ، وهو سماع تأييد ونصرة، ودليل ذلك أن ثبّته بمعجزة عظيمة على الفور، ترفع عنه ما وجده من كرب عظيم، ففي الحديث، قال رسول الله ﷺ: «فكربت كربة ما كربت مثله قط» . ٢- رفع الله ﷾ بيت المقدس لنبيه ﷺ فرآه رؤية عين واضحة جلية لقوله: «فرفعه الله لي أنظر إليه» وللعلماء في المسألة أقوال منها: أن الله كشف الحجاب بين نبيه وبين بيت المقدس، أو أنه حمل البيت كله ووضعه أمام النبي ﷺ حتى رآه ثم أعيد إلى مكانه، أو أنه مثل قريبا منه، ذكرها ابن حجر في الفتح، وكل تلك الأقوال لا نستغربها ولا نستبعدها في قدرة الله، ﵎، وما قصة إحضار عرش بلقيس- من اليمن إلى الشام مع عظمته في أقل من طرفة عين- منا ببعيد. ولكن اللافت للنظر والمثير للدهشة، قوله ﷺ: «فرفعه الله لي أنظر إليه ما يسألوني عن شيء إلا أنبأتهم به» . فلا نتصور أنهم سألوا فقط عن أوصاف المسجد من الخارج كحدوده وأبوابه ونوافذه، ولكن من المؤكد أنهم سألوا عن أوصافه الداخلية، ليزيد تعجيزيهم للنبي ﷺ ولذلك أقول: إن النبي ﷺ كان ينظر إلى المسجد من مكانه الذي يقف عند الحجر بمكة، فيرى ما بداخل المسجد كما يرى خارجه سواء بسواء، من جميع الزوايا ومن كل المساقط، حتى يستطيع أن ينبئهم عن كل ما سألوه، فما خفي عليه أي جزء من المسجد. من يقدر على ذلك غير الله تعالى؟!. ٣- ومن مظاهر اعتناء الله ﷾ بنبيه ﷺ الطريقة التي رفع الله بها عنه الكرب الذي ألّم به، فكان من الممكن أن يلهمه الله، ﷾، إجابات شافية لكل ما سألوا عنه، أو يرسل له جبريل ﵇، ليلقنه إياها، أو يجعل نبيه ﷺ يثبتها ليلة أسري به إلى المسجد الأقصى، ولكن كل هذا لم يحدث مع إمكانيته؛ لأن الله، ﷾، أحب أن يكون التأييد بمعجزة ظاهرة عظيمة تثبّت قلب نبيه ﷺ. الفائدة الثانية: خوف النبي ﷺ الشديد على هذه الأمة، ورد في الحديث: «فكربت كربة ما كربت مثله قط»، فهذا الكرب كان من خوفه ألايرد على أسئلة المعاندين، فتفتن الأمة، ويكذّب الله ورسوله، ولكن الله، ﷿، قد حول هذه الخوف إلى معجزة ظاهرة، وأعجز من أرادوا تعجيزه، وبدلا من أن يظهروا كذبه- حاشا لله- ظهر لهم كمال صدقه، وازداد الذين آمنوا إيمانا، بل وازداد هو يقينا من نصر الله ﷾ له.

1 / 113