وأخذ الرجل هذه الشجرة أولا، وقبل أن تتكلم فرانسي خطا إلى الأمام فتى مشاكس من الحي، في الثامنة عشرة من عمره اسمه بنكي بيركينز، وطلب من الرجل أن يلقي الشجرة عليه، وكره الرجل ما بدا من شدة وثوقه بنفسه، ونظر حوله يسأل: هل من أحد يريد أن يجرب حظه بالظفر بها؟
وخطت فرانسي إلى الأمام قائلة: أنا يا سيدي.
وانفجر بائع الشجر يضحك في سخرية، وابتسم الصبية في تكلف، وقهقه قليل من البالغين الذين تجمعوا ليروا الأضحوكة.
واعترض بائع الشجر قائلا: أوه، إنك صغيرة جدا. - أنا وأخي، إننا لسنا صغيرين إذا اجتمعنا.
وجذبت نيلي إلى الأمام، ونظر الرجل إليهما فرأى بنتا نحيلة في العاشرة من عمرها، خداها غائران من الهزال والجوع، ولكن ذقنها مستدير كذقون الأطفال، ونظر إلى الصبي الصغير بشعره الأشقر، وعينيه الزرقاوين المستديرتين؛ نيلي نولان الذي تبدو عليه البراءة والثقة معا.
وصرخ بنكي قائلا: ليس من العدل أن يجتمع اثنان على ذلك.
ونصحه الرجل الذي بيده ناصية السلطان كله في تلك الساعة: أغلق فمك القذر، لقد أوتي هذان الطفلان العزيمة، تراجعوا جميعا، إن هذين الطفلين سيأتيان بالعجب مع هذه الشجرة!
وانفرج الأطفال عن ممر متعرج، ووقفت فرانسي ونيلي في طرف منه، ووقف الرجل ومعه الشجرة الكبيرة في الطرف الآخر، وبدا هذا الممر قمعا بشريا، طرفه الصغير فرانسي وأخوها، وثنى الرجل ذراعيه الكبيرتين ليلقي الشجرة الكبيرة، ولاحظ كيف يبدو الطفلان صغيرين في نهاية الممر القصير، واستغرق الرجل في التفكير لحظة.
وحز الألم في قلبه، وقال بينه وبين نفسه: رباه! لم لا أعطيهما الشجرة وأقول لهما: عيد ميلاد سعيد، وأتركهما لحال سبيلهما؟ ما قيمة الشجرة بالنسبة إلي؟ إنني لن أستطيع أن أبيعها في هذه السنة، ولن تبقى إلى السنة القادمة.
وراقبه الطفلان في جد ورصانة وقد وقف لحظة مستسلما لأفكاره واستدرك معللا: ولكن إذا ما فعلت ذلك فإن الآخرين سوف يتوقعون مني أن أسلمهم الأشجار، فإذا حلت السنة القادمة فلن يشتري مني أحد أي شجرة على الإطلاق، وهم خليقون بأن ينتظروا جميعا حتى أسلمهم الأشجار على طبق من فضة، إنني لست رجلا موسرا حتى أعطي هذه الشجرة بلا مقابل، لا لست موسرا إلى هذا الحد، أجل لم أبلغ من اليسر ما يحملني على أن أفعل شيئا من هذا القبيل، يجب أن أفكر في نفسي وفي أطفالي.
Página desconocida