El Poeta del Amor Omar Ibn Abi Rabia

Abbas Mahmud al-Aqqad d. 1383 AH
18

El Poeta del Amor Omar Ibn Abi Rabia

شاعر الغزل عمر بن أبي ربيعة

Géneros

فأسلس أبناء القبائل الذين سكنوها بعد خشونة وجفاء، ولكنهم لم ينسوا نخوة العرض ومنعة المحارم؛ فلما شبب عمر بن أبي ربيعة بعائشة بنت طلحة من تيم بني مرة كبر الأمر على فتيان تيم، فأنذروه لا يعودن إلى مثل ذلك، وإلا أصابه شر من أيديهم، فأقسم لا عاد.

ولانت شدة الدين بعد الخلفاء الراشدين، ولكنها لم تبطل، ولم تتحلل في العرف الشائع بين الناس؛ بل كان عمر يلهو ما يلهو ويتغزل ما يتغزل، ثم لا ينسى أن يعلن مع هذا جاهدا أنه لا يستبيح محرما ولا يأتي بريبة، ولا يزال على سنة الشعراء الذين يقولون ما لا يفعلون.

ولعل عائشة بنت طلحة كانت مثل المرأة الشريفة في تلك الآونة: تعطي حق الحياء والدين، وتعطي معه حق النعمة والجمال، فكانت تترفع عن الريب، ولكنها لا تستر وجهها عن أحد. وإذا عاتبها زوجها في ذلك قالت - وفي كلامها قبس من حجة الدين وحجة الدنيا: «إن الله وسمني بميسم جمال أحببت أن يراه الناس، ويعرفوا فضله عليهم فما كنت لأستره، ووالله ما في وصمة يقدر أن يذكرني بها أحد ...»

قال صاحب الأغاني: «وطالت مراودة مصعب إياها في ذلك، وكانت شرسة الخلق، وكذلك نساء بني تيم هن أشرس خلق الله وأحظى عند أزواجهن. وكانت عند الحسين بن علي - رضوان الله عليهما - أم إسحاق بنت طلحة، فكان يقول: والله لربما حملت ووضعت، وهي مصارمة لي لا تكلمني!»

وهذا مثل المرأة التي لا تنسى جمالها، ولا تنسى بداوتها، ولا تنسى دينها، ثم تأتي النساء دون ذلك درجات ممن وصفهن ابن أبي ربيعة فقال:

فلما تفاوضنا الحديث وأسفرت

وجوه زهاها الحسن أن تتقنعا

تبالهن بالعرفان لما عرفني

وقلن امرؤ باغ أكل وأوضعا

12

Página desconocida