Sayf Muhannad
al-Sayf al-muhannad fi sirat al-Malik al-Muʾayyad
Géneros
فتولى جميع كرموك كأجداده ، ولما مات خلف ابنا يسمى أركماس ، وتولى كرموك بعده على عادة أبائه وأجداده ، وهو الأن موجود .
ومولانا السلطان الملك المؤيد ثبت الله قواعد دولته من ذرية إينال المذكور ، وهو أصل شريف كبير فيما بينهم ، مشهور بالشجاعة والشهامة والمروءة والكرم والسطوة ، وأبوه أيضا كان كبيرا كأسلافه ، حاكما على طائفته . واعلم أن كرموك من بين الجركس والعرب ، وهم غرب غسان وأصل ذلك : أن جبلة بن الأيهم لما ارتد عن الإسلام بعد أن قدم على عمر ابن الخطاب رضى الله عنه صار إلى هرقل صاحب الروم ، ولما هرب هرقل من أنطاكية - لما فتحها الصحابة رضى الله عنهم أجمعين في سنة سبع عشرة من الهجرة - وركب البحر ، وعدى إلى بلاد قسطنطينية وماقدونية وأثينية - وهى فى بلاد الجانب الشمالى - وهرب معه جبلة ، ومعه خمسمائة رجل من قومة من غرب غشان فتنصروا كلهم ، وأقاموا عندهم إلى أن انقرض ملك القياصرة ، ثم تحيزوا إلى جبال الجراكسة وبلادهم ، وهى ما بين بخر طبرستان وبخر نيطش الذى يمده خليج قسطنطينية ، فاختلطوا بالجراكسة وبلادهم ،
وتزوجوا منهم نساء ، وتزوجت الجراكسة منهم نساء ، فتوالدوا وتناسلوا ، وكثرت ذراريهم ، واختلط بعضهم ببعض ، ودخلت أنساب بعضهم في بعض ، حتى ليزعم كذير من الجراكسة : أن أصلهم من نسب غرب غشان ، وليس كذلك ، بل الجراكسة من أولاد يافت كما ذكرنا ، وإنما حصل الاختلاط فيما بعد ، ولكن كرموك من الجركس والعرب كما ذكرنا ، ومن ذلك يوجد في الجرا كسة خصال من خصال العرب ، منها الشجاعة الظاهرة ، والفروسية الباهرة ، ومنها الصدمة الأولى فى الحروب ، ومنها الغيرة العظيمة على الحريم والنساء ، ومنها حسن القيام بحق الضيف ، وأن الضيف عندهم أعز من أحب الخلق إليهم ، ومنها أن المستجير بأحدهم لا يضام ، ولا يناله مكروه ولو كان عليه دم أو طلب ، ولا يقدر واحد أن يأخذه ولو كان صاحب شوكة ، ومنها أن عندهم جدة وزعارة في أخلاقهم ، ومنها أنهم يغضبون سريعا ، ومنها أن عندهم تعصبا عظيما ، لا يرجع عمن تعصب له ولو كان على باطل ، ومنها أن العداوة إذا وقعت فيما بين الطائفتين لم يزالوا على ذلك ، فمن قدر منها على الأخرى يقنى أولهم عن أخرهم ، وأخرهم عن أولهم ، حتى إن العداوة تستمر بين أولادهم ، وأولاد أولادهم ، وكل ذلك من خصال العرب
أما أم مولانا السلطان الملك المؤيد رحمه الله ، فقيل إنها من الترك ، ولكن لما اجتمعت به يوم الإثنين العاشر من ربيع الأخر ، سنة ثمانى عشرة وثمانمائة ، لأجل قراءة تاريخه وسيرته ، وسألته عن أمه فقال : إنها من الجركس ، فأثبت ذلك مثل ما سمعت - والله سبحانه أعلم .
الباب الثاني في اسمه وما يدل عليه وما تدل عليه حروفه والله اعلم
اعلم أن اسم مولانا السلطان - خلد الله ملكه -ثلاثة أحرف وهى الشين المعجمة والياء أخر الحروف ، والخاء المعجمة ، وهو شيخ ، وهو اسم مبارك قد ذكره الله تعالى فى الفرأن فى حق نبيين كريمين عظيمين ، أحدهما إبراهيم الخليل عليه السلام حيث قال الله عز وجل حكاية عن امراته سارة » ع ألد وأنا عجوز وهذا بعلى شيخا ، ، والثانى شعيب عليه السلام حيث قال الله عز وجل حكاية عن ابنتيه صفورا وحتونا قالتا لا نسقى حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير. وذكر المفسرون أن إطلاق الشيخ على إبراهيم كان لأجل التوقير والتعظيم ، وعلى شعيث كان لأجل الاستعطاف والشفقة ، فمن الأول مخاطبة الناس العلماء الأجلاء ، والأئمة والفضلاء بذه اللفظة . ومن الثانى مخاطبتهم أصحاب السن والاكابر فى العمر ، وكذا قال أهل اللغة : الشيخ من استبانت فيه السن وكمل فيه العقل والرأى ، وقال كمال الدين عبد الرزاق فى رسالته في باب الشين ، الشيخ هو الإنسان الكامل فى الشريعة والطريقة
والحقيقة ، البالغ إلى حد التكميل ، ولهذا قيل لأبى بكر الصديق رضى الله عنه شيخ . ولشرف هذا الاسم ، ووقوع التعظيم والتوقير به لا يذكر ولى من أولياء الله إلا ويوصف به ، وتطلق عليه هذه اللفظة ، وكذا يقال لرئيس العلماء ، هذا شيخ الجماعة ، ولكبير القوم ، هذا شيخ الطائفة ثم كل حرف من هذه الأحرف الثلائة يدل على معنى في ذات صاحبه ، وذلك لأن الاسم إما عين المسمى على ما قاله البعض أو لاعينه ولا غيره على ما قاله أهل السنة والجماعة ، وعلى كلا التقديرين توجد المناسبة في وضع الأسماء للمسميات على ما اقتضته الحكمة الإلهية ، ولأشك أن وضع الأسماء لا يكون إلا بالإلهام من الله تعالى ، فلو لم يكن ماتضمنه الاسم من المعاني ، أو بعضه موجودا في مسماه لما وقع عليه بالإلهام الرباني ، ألا ترى أنهم قالوا : إنما سمى أدم عليه السلام ببذا الاسم لكونه خلق من أديم الأرض وهو وجهها ، وسمى شيث عليه السلام بذا الاسم لأن معناه عطية وهبة بالسريانية ، وسمى به لأنه هبة من الله لأذم عليه السلام ، عوضا عن هابيل ، وسمى نوح عليه السلام بذا الاسم لكثرة نوحه من خوف الله تعالى ، وسمى إبراهيم عليه السلام مذا الاسم لأن معناه أب رحيم فى السزيانية ، وسمى أيضا بالخليل لأن الله
تعالى اتخذه خليلا ، وسمى موسى عليه السلام بمذا الاسم لأن أصله فى السريانية موشا ، فمو أهو الماء و شا أهو الشجر ، وكان قد وجد بين الماء والشجر ، فسمته بذا السيم أسية بنت المزاحم امراة فرعون لما وجدوه في التابوت - وهو الصندوق- وهو فى اليم - وهو البحر ، وذلك حين ألقته أمه فيه خوفا عليه كما قص الله تعالى فى القرأن الكريم ، ويعقوب عليه السلام سمى بذا الاسم لأنه تنازع مع أخيه عيصو فى بطن أمهما وكانا توأمين فغلبه عيصو فخرج أولا ، وخرج يعقوب عقيبه ، فلذلك سمى يعقوب ، وسمى عيصو بهذا الاسم لأنه عضى عليه ، وسمى إسرائيل أيضا لأنه لما رحل إلى خاله بحران خوفا على نفسه من أخيه عيصو ، كان يسرى بالليل ويكمن بالنهار ، ف« إشره من الشرى بالليل ، وإيل من الليل وقيل إيل . اسم من أسماء الله تعالى ،وإسر معناه العبد ، أى عبد الله ، وسمى سليمان بذا الاسم لأنه كان سليم القلب، وسمى أبوه عليه السلام داود لأنه كان يداوى جراحات القلوب ، ولم يفسر ببذا التفسير إلا النملة التى خاطبت سليمان عليه السلام ، وقصتها أن سليمان عليه السلام كان سائرا يوما بعسكره على البساط فى الهواء إذ أبى على وادى النمل فقالت نملة « يأيها النمل أدخلوا مسكنكم لأيحطمتكم سليمن وجنوده فالقت الريح هذه الكلمة في أذن سليمان عليه
السلام ، وكان من جملة معجزاته عليه السلام أن كل من تكلم بكلمة كانت الريح تلقيها في أذنه عليه السلام ، سواء كان من قرب أو بعد ، فحين سمع سليمان عليه السلام بذلك أمر الريح بأن تضع البساط على جانب وادى النمل فوضعته ، فطلب سليمان عليه السلام تلك النملة - وكانت حاكمة النمل وسلطانها ، وكانت عرجاء فى قدر كلب في الجثة قيل اسمها طاحية - ، فقال لها : أم حدت قومك عنى وعن عسكرى وأنا ما عندى ظلم ؟ ، فقالت : يا نى الله خاشاك من الظلم وإنما قلت . وهم لأيشعرون ، وقيل . قالت : أردت حظم القلوب لأحطم الأبدان ، حيث يشتغل النمل بالنظر إلى عظيم عسكرك وبهجتها عن ذكر الله تعالى ، فعلم سليمان عليه السلام أنا صاحبة حكمة ، فقال لها : إنى سائلك عن مسائل ، فقالت : سل ، فقال : ما معى سواد جسمك وحركة رأسك دائما ، ورقة وسطك ؟ فقالت . يانبى الله . الدنيا دار حزن ومصيبة ، ومن يكون فى حزن ومصيبة يكون لباسه السواد ، وأما حركة رأسى فأنا مشتغلة بذكر الله تعالى دائما ، ومن كان في ذكر الله يتحرك رأسه دائما ، وأما رقة وسطى ، فأنا عبد واقف في الخدمة ، فمن كان عبدا واقفا في الخدمة يكون وسطه مشدودا . فلما سمع سليمان عليه السلام أعجبه عجبا عظيما ، ثم قال لها ، سليبى ماشئت أعطك ، فقالت : من يعطيك أنت ؟ فقال : الله ، فقالت : فما الحاجة أن أسألك فأنت أيضا تسأل غيرك ،
فقال سليمان : إن من عادة الملوك مهاداة بعضهم لبعض فلابد أن تسألى شيئا مما فى خاطرك فقالت : إن كان لأبد من ذلك فأسألك شيئا واحدا .: فقال : سلى ، فقالت : ا كتب إلى خازن النار بأن يردلى منها إن كان الله تعالى كتب على بالقدوم إليه ، فقال سليمان هذا ليس لى ، فقالت : اكتب إلى خازن الجنة أن يفتح لى باب الجنة إذا قدمت إليه ، فقال هذا أيضا ليس لى ، فقالت إن عجزت عن هذا فأزل السواد من جسمى ، فقال ليس لى هذا أيضا ، فقالت : إذن أنت عاجز ، وليس لى حاجة عند العاجز مثلى ، وإنما أرفع حاجبى إلى الله الذى ظهرت قدرته فى خلقه ولا يرد سائله ، ولا ينقض من خزائنه شىء ، فتحير سليمان عليه السلام من ذلك ، ثم قالت : أنا أيضا أسألك عن مسائل ، فقال : سلى . فقالت . لم سميت سليمان ، ولم سمى أبوك داود ] ، ولم سخر الله لك الريح ؟ ، ولم جعل ملكك في خاتمك ، فتحير سليمان فلم يجب بشىء فقالت أنا أجيب عن ذلك . أما أنت فإنما سميت سليمان لأنك سليم القلب ؛ وأما أبوك داود فإنما سمى به لأنه داوى جراحات القلوب ، وأما تسخير الريح لك فلتعلم أن هذه الدنيا كالريح ليس لها ثبات ، وهى سريعة الزوال ، فتارة لك وتارة عليك ، كالريح تارة من اليمين وتارة من الشمال . وأما جعل ملكك في خاتمك ، فلتعلم أن هذه الدنيا ليس لها قدر عند الله إذ لو كان لها قدر لما جعلها فى خاتم
Página desconocida