وألقى المحقق على الدكتور نظرة نافذة باردة، فتردد بصري بينهما في قلق متزايد وخوف غريب. وبعث الاضطراب في نفسي توترا حادا، ثم سمعت المحقق يقول: إني أتساءل عن الضرورة التي حتمت أن تكون أنت الجراح، وفي هذا الوقت بالذات؟
وسكت مليا ثم استدرك متسائلا: وما سبب الوفاة؟ - ثقب البروتون.
فقال المحقق ببرود: يقرر الطبيب الشرعي غير هذا.
فتساءل الدكتور أمين رضا مستنكرا: فما عسى أن يكون السبب إذن؟ - هذا ما يخلق بك أن تدلني عليه بنفسك!
فقال الدكتور وقد اعتور نبرات صوته ذلك التوتر العصبي: لا أفهم ماذا تعني. - سأزيد لك المسألة بيانا .. يقرر الطبيب الشرعي أن البروتون قد ثقب حقا، ولكن يؤكد أنه لا يوجد به شيء على الإطلاق من مرض أو التهاب، وأن حاله لم تكن لتستدعي علاجا على الإطلاق، فضلا عن عملية جراحية! - ولكني أجريت العملية بنفسي. - لم تجر عملية على الإطلاق فيما عدا ثقب البروتون.
فقال الدكتور بصوت متهدج وبحدة غاضبة: أتريد القول بأني ثقبت البروتون بلا داع! .. ما معنى هذا؟ - أنت ثقبت البروتون فقتلتها! - في أثناء إجراء العملية! - أؤكد لك أنك لم تجر عملية البروتون !
فصاح الدكتور في غضب: أتتهمني بأني تظاهرت بإجراء العملية كي أقتلها؟ .. أتتهمني بالقتل يا حضرة المحقق؟
فقال المحقق بهدوء: إنني أتهمك بالقتل حقا، وستوافقني عما قليل على رأيي، وسترى بنفسك - بغير حاجة إلى نصيحتي - أنه لن يهيئ لك بعض النجاة إلا الصدق والصراحة.
انكفأ وجه الدكتور وازداد تجهما، وركبته حال تعسة من القهر. أما المحقق فقد ألقى نظرة أخيرة على تقرير الطبيب الشرعي، ثم استطرد قائلا: لماذا أحدثت هذا الثقب القاتل بالبروتون؟
فقال الطبيب في تجهم، وفيما يشبه اليأس: لقد أجبت على هذا من قبل! - يجدر بك ألا تتغابى وأنت بلا شك شاب ذكي، لقد أحدثت هذا الثقب لتخلق سببا ظاهرا «مشروعا» للوفاة التي ظننتها لا محالة واقعة.
Página desconocida