(1) في هذا تفسير من الإمام للفظ القراء والقارىء والأقرأ : هل هو الأحفظ لكتاب الله ، أو هو متعلق بالاتقان للقراءة ، فيه خلاف والراجح أن المراد به أكثرهم حفظا للقرآن لما ثبت عن ابن عمر أنه قال : ( لما قدم المهاجرون الأولون العصبة موضع بقباء قبل مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يؤمهم سالم مولى أبي حذيفة وكان أكثرهم قرآنا) أخرجه البخاري في الأذان باب إمامة العبد والمولى وهوبين في أن سبب تقديمهم له مع فضلهم عليه هو أنه كان أكثرهم قرآنا أي حفظا له ، وفي حديث عمرو بن سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا ، فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنا مني لما كنت اتلقى من الركبان فقدموني بين أيدهم وأنا ابن ست أو سبع سنين ) أخرجه البخاري في المغازي باب53 ح4302 وهذا صريح في أحق الناس بالقراءة وأنه الأكثر قرآنا ، وهذا لا يخالف ما ذكره المؤلف إذ ليس قصده نفي أن يكون هذا معنى القراء وإنما قصده أن لا يكتفى من الرجل بذلك حتى يكون صاحب أحقية في الإمامة بل هناك شروط في الإمام متفق عليها وهي أن يكون عالما بأحكام الصلاة والإمامة ، ولذلك بوب الإمام البخاري : ( باب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة ) فتح 2 / 164 ، وكأن البخاري رحمه الله يربط بين الأقرأ والأعلم ، ويشهد له ما هو مشهور من أن الصحابة كان دأبهم في الحفظ أن لا يجاوز أحدهم عشر آيات حتى يحفظها ويتعلم ما فيها من العلم والإيمان ، خصوصا وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يذكر العلم والفقه في شيء من أحاديث ترتيب الأحق بالإمامة مع أنها مقدمة بلا شك على السن والهجرة ، مما يفهم منه أن أمر العلم وفقه أحكام الصلاة والإمامة أمر مفروغ من اشتراطه في الإمام كحد أدنى .
Página 78