La elección de lo mejor en los fundamentos de la jurisprudencia
صفوة الاختيار في أصول الفقه
Géneros
فالذي تعتبر فيه حكمة المخبر: هو الخبر الوارد عن الله سبحانه، أو عن رسوله صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأن خبر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في الحكم كأنه من جهة الله سبحانه وتعالى، وكذلك تقرير الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لمن يخبر عنه بحضرته، أو يحكي شيئا عنه عليه السلام ثم يدعي عليه علمه، فلو كان كذبا لوجب عليه إنكاره، وهو لا يخل بما يجب عليه صلوات الله عليه سيما فيما يتعلق بالشريعة ويلحق بهذه الأخبار الواردة عن العترة والأمة وتقريراتهم، وسيأتي شرحها مفصلة في بابها.
ويلحق بذلك ما يحكيه القديم سبحانه عمن لم تثبت حكمته ثم لا يتعقبه بإنكار، مع أن البيان واجب عليه سبحانه في الحكمة وهو لا يخل بالواجب على ما ذلك مقرر في موضعه من أصول الدين، وقد تقدم الكلام في أن كلام الحكيم سبحانه وكلام رسوله صلى الله عليه وآله وسلم حجتان واجبتا الإتباع، وكذلك تقريره سبحانه وتقرير الرسول عليه السلام، وسيأتي الكلام مستوفى فيما ترويه العترة والأمة في باب الإجماع إن شاء الله تعالى.
وأما ما لا يعتبر فيه حكمة المخبر ولا من يقره: فهي الأخبار التي يرويها الأعداد الكثيرة عن أمثالها في الكثرة، حتى ينتهي ذلك إلى أمر لا يجوز فيه دخول الإلتباس.
وأما ما قلنا إن خبر من هذه حاله يوصل إلى العلم لأنا إذا فرضنا استحالة التواطؤ على مثلهم في مجرى العادة لاختلاف الأغراض، ونقلوا خبرا واحدا يستند إلى أمر لا يجوز فيه الإلتباس، كنا عند العلم بتعذر التواطؤ نعلم أنهم أخذوه عن المشاهدة؛ لأن العدد الكثير إذا نقلوا الخبر كان نقلهم لا يخلو إما أن يكون لعلمهم به أو لا يكون؛ فإن كان لعلمهم به فهو الذي نقول، وإن لم يكن لعلمهم به فهو إما للتواطؤ، وإما لاختيار الكذب بالإتفاق.
Página 170