وقت مناسب ووجه مناسب والسن ...
إن عمر المرأة من حقها وحدها تحديده، وهو لا يعرف أن هناك امرأة في العالم قد تعدت الثلاثين، إن الوجه الذي يراه الآن أنضر من أن يثير مسألة السن ... بل لعل الحقيقة تخفيه، إنها تبدو في العشرين.
وذكر وجهه في المرآة ذلك الصباح، وخيل له أنه يرى شعراته البيض تقترب في حياء لتلامس خصلات الشعر الأسود الفاحم.
صغيرة! قال لنفسه هذا، وقد عول على التراجع ... بل لقد هم فعلا أن يغادر مركبة الترام ... وصده عن ذلك شيء واحد.
إنها هي أيضا قد نهضت لتنزل من الترام، وقالت وقد لحظت حركته: هل تنزل هنا أيضا؟ وأحس بحرج موقفه فأجاب، وهو يعاود النهوض: نعم، فهذا أقرب مكان لي ... إني أسكن في مصر الجديدة، ولكن سيارتي في جراج قريب من هذا المكان.
يقول الفرنسيون أحيانا: إن المرأة هي التي تختار رجلها دائما ... تختاره دون أن يخالجه شك في أنه هو الذي يختار ... إن هذا القول لا يصدق في تعرفه بثريا ... فهو الذي اختارها في حديقة الشاي، وهو الذي كان يفكر طوال الطريق في أنها هي، الوجه المناسب.
وسيبدأ منذ اللحظة خطته لإتمام ما يريد ... يعرض عليها أن تلقاه مرة أخرى، فتمانع قليلا في ابتسامة راضية.
ويلقاها بعد ذلك بيومين ... يلقاها أشجع عزيمة، ولا يكاد ينفرد بها في المقهى الهادئ على حافة النيل حتى يبدأ حديثه عن نفسه.
ويلتفت إليها خلال الحديث طالبا أن تخمن كم عمره؟ وتقول في ابتسامة: آه! لم تخدعني شعراتك البيض ... إنك في حدود الثلاثين ... اثنين وثلاثين سنة مثلا.
ويقول، وكأنما يحرجه الكذب في تحديد السن: لا خمسة وثلاثون ... راجل عجوز أليس كذلك؟
Página desconocida