فلا يغترن أحد بتمويه أولئك الذين يعتذرون من الكذب بالجمال، فإنما الكاذب عاجز عن الصدق وعن الجمال في وقت واحد، ولا يتوهمن أحد أن الحق يناقض الجميل، وأن كاتبا مطبوعا على الصدق يطيق أن يزوره مرضاة لما يسمى بالذوق السليم، فإنما يصنع ذلك أصحاب البهرج والتزييف، وليسوا هم من سلامة الذوق على شيء كبير ولا صغير، والفرق بعيد كما رأينا بين البهرج والجمال؛ لأنه فرق بين العقبة والطلاقة، وبين ما يخاطب الوظائف الحسية وما يخاطب الملكات الروحية، وبين ما يفرط فيمل الخاطر ويثلم الحس، وما يفرط فيزيدك نشاطا إلى نشاط، ومرحا إلى مراح.
كنا نتذاكر هذا المعنى منذ أيام مع إخوان من الأدباء، فاقترحنا أن نتطارح أبياتا يتفق لها جمال الأسلوب وجمال المعنى، وذكر بعضهم هذا البيت:
وإنك كالليل الذي هو مدركي
وإن خلت أن المنتأى عنك واسع
وذكر آخر بيتين يناسبانه:
كأن فجاج الأرض وهي فسيحة
على الهارب المطلوب كفة حابل
يؤتى إليه أن كل ثنية
تيممها ترمي إليه بقاتل
وذكر آخر بيتين آخرين:
Página desconocida