Pioneros del renacimiento moderno
رواد النهضة الحديثة
Géneros
كانت قيثارة المطران جرمانوس فرحات تملأ حنايا كهوف لبنان وتلافيف أوديته ترانيم وتهاليل روحية. يرتفع الضباب بخورا قدسيا نحو الأعالي، فترتفع معه روح الشاعر الزاهد، ويحدو نهر قديشا موكب عرسه الخالد، فيتبعه قلب الشاعر المتصوف منفسا عن عاطفته المكبوتة بذلك الغزل الإلهي ... وكأن حرب ميوله لم تضع أوزارها حتى هتف؛ معترفا لنا: إني بليت بأربع لم يخلقوا.
وبعد قرن كان للبنان أمير كالملوك؛ له بلاط، وله شعراء يكدون قرائحهم ليعملوا شعرا يليق بسعادته، فيهزونه هز الكماة عوالي المران، فتتدفق الصلات في قصر بتدين العامر.
يدور كثيرا على الألسنة في هذه الأيام ذكر البشير الشهابي أمير لبنان، وتذكر كثيرا بيت الدين حيث عاش الأمير العظيم سيدا تراوده الدول العظمى، فيستقبل في «قاعة العمود» السفراء والوزراء، والقواد والقصاد، وعليه أبهة الملوك، وسيماء الأسود.
كثيرا ما يذكرون هذا الأسد اللبناني وعرينه الذي جدد «عهد» الشيخ بشاره خليل الخوري شبابه، وأعاد صاحبه إليه رفاتا لا عليه ولا له، بعد مائة عام ونيف يذكر الناس أعمال الأمير ونضاله وبطشه، وينسون أنه كان له شعراء، وأنه كان سيف دولة زمانه، لم يجتمع بباب ملك من ملوك عصره أكثر مما التف حوله من أمراء الكلام في زمانهم، ولكل دولة رجال.
أجل لكل دولة رجال فلا يطلب من نقولا الترك، وبطرس كرامة، وناصيف اليازجي، وأمين الجندي؛ أكثر مما عملوا في خدمة الأدب، فهم والشدياق والبستاني والأحدب والأسير وخليل الحوري وغيرهم قد بنوا هذه النهضة فأعلوها، والقلم يقرع القلم ...
أنعش الأمير العظيم الأدب العربي في عهده؛ مدفوعا إلى ذلك من نفسه المطبوعة على الأريحية، ومن طموحه إلى تأييد إمارته وإذاعة صيتها. رأى أن لا بد لها من شعراء يؤيدونها بأقلامهم، ويدعون لها بألسنتهم الفصيحة، كما كانت الحال في جميع الأدوار العربية، فقربهم وأدناهم من السرير فسمعنا شاعره الأول نقولا الترك يمدح مولاه بعد وقعة غلب فيها :
سواك إلى المعالي ليس يدعى
لأن الله أحسن فيك بدعا
أمير، لا أمير سواه يرجى
مليك كامل خلقا وطبعا
Página desconocida