Pioneros del renacimiento moderno
رواد النهضة الحديثة
Géneros
تذكرني هذه «الآيات» بذاك الأمير الذي وقف بحضرته بهلواني وفي يده مائة إبرة، فجعل يرميها من فمه جاعلا رأس كل إبرة بخرم الأخرى، ثم لم يخطئ أبدا؛ فأجازه الأمير بمائة «كرباج» لأنه أضاع مهارته فيما لا فائدة فيه، وأعطاه مائة دينار جزاء تعبه ونصبه.
عفوك أستاذنا، تحت التراب. لقد كنت نافعا، بل كنت الجسر الذي عبر عليه رجال النهضة من ضفة الركاكة والرطانة إلى ضفة الفصحى وواحتها.
ولعل قارئي العزيز يقول في قلبه: ما دام هذا لا ينفع فما لك تحدثنا عنه؟!
إن الأمانة الأدبية تقضي بهذا؛ لقد تعب الجماعة فلنذكرهم بما عملوا، وقد تكلمت عن هذا قبل التحدث عن شعراء الأمير؛ لأنهم ومن جاءوا بعدهم - حتى الشدياق وهو عدو التقليد - قد نظموا جميعا تواريخ، ولا يزال في عهدنا من ينظم منها حتى الداعي.
أما التراسل بالشعر
9
أو التراشق به، فهو أيضا من ابتداع هؤلاء الرواد. فكأن سوق الشعر قد بارت فأمسى لا ينفق عند أحد، فأخذ شعراء هذا القرن يمدح بعضهم فيما سموه رسائل، فصح فيهم قول المثل: حك لي أحك لك.
ولا يزال أدباء اليوم على هذا، فيتقارضون الثناء على كتبهم وغير ذلك، وقد صدق من قال: حب الثناء طبيعة الإنسان. فالطفل إذا ما امتدحته تبدو على وجهه غبطة دونها الغبطة التي تعروه ساعة أكله قطعة حلوى يحبها.
صحتين، كلوا حتى تشبعوا ... ولأم الناقد الهبل ... (1-2) نقولا الترك
كان الشاعر اللبناني الأول، الأسقف جبرائيل بن القلاعي، زجالا فنظم حوادث بلاده زجلا، منذ خمسمائة سنة ، ثم استحال ذلك الزجل شعرا فصيحا - بمقدار - لما تضلع اللبناني من لغته. وكما كان الزجال الأول أسقفا كذلك كان الشاعر الأول أسقفا أيضا.
Página desconocida