يصور لنا الزمخشري هذه الحالة في كثير من قصائده التي يشكو فيها الزمان (١) ومنها:
ومما شجاني أن غر مناقبي ... يغنى بها الركبان بين القوافل
وطارت إلى أقصى البلاد قصائدي ... وسارت مسير النيران رسائلي
وكم من آمال لي وكم من مصنف ... أصاب بها ذهني محز المفاصل
غني من الآداب لكنني إذا ... نظرت فما في الكف غير الأنامل
فيا ليتني أصبحت مستغنيًا ولم ... أكن في خوارزم رئيس الأفاضل
ويا ليتني مرض صديقي ومسخط ... عدوي وأني في فهاهة باقل
وما حق مثلي أن يكون مضيقا ... وقد عظمت عند الوزير وسائلي (٢)
الحالة العلمية في عصر الزمخشري
رغم ما كان في هذا العصر من حروب وأحداث داخلية وخارجية، وجدت هناك حركات علمية ونهضات أدبية، ازدهرت فيها الحضارة والعلوم والآداب، خلد التاريخ مآثرها ومفاخرها. أهمها: بناء المدارس في أنحاء أقطار العالم الإِسلامي وحظيت هذه الصروح العلمية باهتمام الملوك والأمراء والوزراء وتنافسهم في تشييدها، وإحضار أفاضل العلماء لها، وتشجيع الطلاب على التحصيل فيها. فمن ذلك ما أسسه الوزير السلجوقي: نظام الملك الحسن بن عاب بن إسحاق الطوسي (م ٤٨٥ هـ) من مدارس نظامية في المدن الإِسلامية الكبرى (٣).
ولم يقتصر هذا الاهتمام على الأمراء والوزراء فقط، بل كان العلماء وعامة الناس يسهمون في هذا العمل الجليل (٤).
_________
(١) يأتي تفصيل ذلك في مراحل حياته.
(٢) نقله صاحب كتاب: "الزمخشري لغويًا ومفسرًا"، ص ٣٧، ص ديوان الزمخشري (مخطوط).
(٣) انظر: الكامل لابن الأثير، ٨/ ١٦٢، ١٦٣؛ تاريخ دولة آل سلجوق، ص ٣٢، ٥٤، الأعلام، ٢/ ٢٠٢.
(٤) انظر: السبكي، طبقات الشافعية الكبرى، ٤/ ٢٥٦، ٢٩٢.
1 / 19