قال: لا يوجد خدعة يا سيدي من خدع الصيد لا أعرفها. - إني لم أر إلى الآن هذا النوع من الصيد، وأحب أن أراه الليلة، وقد أحضرت معي الفخ. - كما تريد، ولكن هذا المكان لا يصلح لنصب الفخاخ؛ إذ هو طريق عام والأيل لا يمر به. - ولكني أريد أن تنصبه هنا. - أهنا في وسط الطريق؟ - نعم.
فنظر إليه الأحدب نظرة إنكار وقال: أرى أن سيدي الشفالييه يريد أن يصطاد إنسانا لا أيلا. - ربما. - إذا كان ذلك، فإني لا أشترك معك يا سيدي؛ فإني لا أحب صيد الناس.
فغضب الشفالييه وقال له: لعلك نسيت أيها الوقح أن الكونت أمرك بطاعتي؟ - هو ذاك، ولكن الكونت قد لا يكون عارفا بقصدك. - بل هو عارف.
فذعر الأحدب وتراجع إلى الوراء، فأخرج الشفالييه غدارة وصوبها إلى الأحدب وقال له: إذا حاولت الفرار فاعلم أني أقتلك دون إشفاق.
فرأى الأحدب أن الموقف حرج، وحاول أن يطيل الوقت بالجدال فقال له: ما زال الكونت لوسيان عارفا بقصدك كما تقول فلا أجد بدا من طاعتك ولكن ... - ولكن ماذا؟ لعلك تريد أن تعرف الرجل الذي أريد إيقاعه في الشرك؟ - نعم. - هو رجل أساء إلي وإلى الكونت. - إذن ليكن ما تريد، ولكنك تعلم يا سيدي أن الرجل لا يؤخذ بالشرك كما يؤخذ الأيل. - تريد أن الأيل يسير منخفض الرأس فيعلق الشرك بعنقه ويخنقه، خلافا للرجل فإنه يسير مستوي القامة فيعلق الشرك بساقيه ولا يقتله. - هو ذاك، وأرى يا سيدي أنك تعرف طريقة نصب الفخاخ كما أعرفها، فانصب الفخ أنت. - لا بأس فسأنصبه أنا، فأمسك جوادي.
ثم ترجل عن جواده ووضع غدارته في جيبه وأخذ من حقيبة كانت على الجواد ذلك الفخ؛ لينصبه بشكل لا يستطيع المار بذلك الطريق الضيق أن يسلم منه.
وكان القمر يتألق في السماء ويضيء ضوء النهار، فلم يكد يتم نصب الفخ حتى سمع الأحدب يصيح صيحة دهش، فأسرع إليه وقال له: ماذا جرى؟
وكان الأحدب جالسا القرفصاء على الأرض وهو ينظر في آثار قدم عليها، فقال له: لقد عرفت صاحب هذه القدم. - من هو؟ - هو داغوبير البيطري عند باب الدير. - أحقا ما تقول؟ - إنه هو الذي مر بهذا الطريق، وإنك قد نصبت الفخ له دون شك. - ربما. - ولكني لا أريد أن يؤخذ داغوبير كما تؤخذ الثعالب. - لماذا لا تريد؟ - لأنه صديقي.
فشاغله الشفالييه بالحديث، ثم هجم عليه فجأة فقبض على عنقه وألقاه إلى الأرض وهو يقول: إنك إذا صحت أقل صياح خنقتك دون رحمة. ثم حمله بين يديه فوضعه فوق جواده ووثب إلى ظهر الجواد، فأطلق له العنان وسار الجواد ينهب الأرض إلى قصر بوربيير والأحدب عليه أمام الشفالييه وهو ضاغط عليه فلا يستطيع حراكا.
20
Página desconocida