) فكُنتَ السيفَ قائِمهُ إليها ... وفي الأعداء حدَكَ والغرارُ (
وهذا من قول الأول:
نقُاسمِهُمُ أسيافَنا قِسمَةٍ ... فينا غَواشيها وفيهم صُدورُها
فقال علي بن عيسى هذا كما قال الآخر، أنشدناه محمد بم الحسنُ ابن دريد:
يُنازعُني رِدائي عَبدُ عَمرو ... رُويدَكَ يا أخا سَعدِ بن بكرِ
ليَ الشطرُ الذي ملَكتُ يَميني ... فدونَكَ فاعتَجِرُ منهُ بشَطرِ
قلت وأعرف فيها:
) كأن شُعاعَ عَينِ الشمسِ فيهِ ... ففَي أبصارِنا عنهُ انكِسارُ (
وهذا قول الآخر:
إذا أبصَرتنَي أعرضَتَ عني ... كأن الشمسَ مِن قبِلَي تدورُ
وأعرف منها قوله:
) فخَلفَهُمُ بردُ البيِضِ عنهم ... وهامُهُمُ لهُ معَهَم معُارُ (
وهذا كأنه من كلام الصوفية. فقال الأنباري أتعرف لأحد مثل قوله:
) أمُلتُ ليَليةَ ساروا كَشفَ معِصمها ... ليلبثَ الحَيُ دونَ السيرِ حَيرانَا (
فقلت: نعم قول محمود الوراق ومنه أخذ المعنى:
قلتُ ارفعي السُجفَ نستمتع بمجلسنِا ... فالشمس ما غيبتُ من وجهكِ الكلِلَ
فقال الأنباري: أين هذا من ذاك؟ فقلت: هو هو إن أنعمت النظر فقال أبو الطيب وفي هذه الكلمة أقول:
) أما الثيابُ فتَعرَى ومن محاسِنِها ... إذ نضَاها ويكسَى الحُسنَ عرُيانا (
فأعجلته بأن قالت: هذا الذي التزمته في قوله:
زَينُ الثُيابِ وإن أثوابُها استُلبِت ... على الحَشِيةِ منها زانهَا السُلَبُ
فقال وفيها أقول:
) كأنُهُمُ يَرِدونَ المَوُتَ من ظَمأ ... أو ينشَقُونَ من الخَطيُ رَيُحانَا (
فقلت سرقته من البحتري:
يَتَزاحمونَ على القِتالِ لدى الوَغى ... كتَزاحُمِ الذُود العِطاشِ لمَورِدِ
قال: وفيها أقول:
) لا أستزَيدُ على ما فيك من كَرَمٍ ... أنا الفتى نِمتُ إن نَبهُتُ يَقظانَا (
فقلت هذا مسروق من قول أبي تمام:
نعِمةُ الله فيكَ لا أسأل اللهَ ... سواها نعُمى سوىَ أن تدَومَا
ولو أني فعلتُ كُنتُ كَمَنُ ... يَسألُهُ وهوَ قائمٌ أن يَقُومَا
وقد قال جرير:
إني وحُبكِ لو أردتِ زِيادةً ... في الحب عندي ما وَجدتِ مزيدَا
فقال أبو الطيب وفيها أقول:
) عَلَيكَ منكَ إذا أخلَيتَ مُرتقِبُ ... لم تأتِ في السر ما لم تأتِ إعلانَا
فقلت هذا مسروق من قول الآخر:
لمَن لا أرىَ أعرضُتُ عن كل من أرَ ... وصِرتُ على قَلبي رَقيبًا لقاتِلِهُ
وقد قال العباس:
أغُضُ إذا نظرتُ إلى سواكُمُ ... كأن لكم على قلبي رَقيِبًا
فأحفظه ذاك، ورسم المهلبي الأناة به، وأومأ إلي. فقال أبو العلاء صاعد بن ثابت، وكان في الحال يخلف المهلبي: أنا أستحسن قول أبي الطيب في سيف الدولة:
) يَمشي الكرِامُ على آثارِ غيرِهمِ ... وأنتَ تَخلُقُ ما تأتي وتَبتدَعُ (
) مَن كان فوق محَل الشمسِ موضعُه ... فليَسَ يرفعُه شيء ولا يضَعُ (
فقال المهلبي: هذا بكر لم يقله أحد. ثم أقبل على الجماعة وقال: هل تعرفون هذا لأحد؟ فقال أبو الحسن الأنصاري، وكان متعلقًا بأذيال الأدب: يرجع إلى تواب الذي يخرج السرق، يريدني فقال: ما عندك فقلت: الأول مسروق من قول الصنوبري:
وما كفَاكَ بأن ألفيِتَ مُتبِعًا ... في الجُود حتى لقت ألفيتَ مبُتدعا
وما الثاني فمسروق من قول بني دلامة، وبعض أصحابنا يرويه لماني:
لو كان يقَعُدُ فوقَ من كرَمٍ ... قومُ لقيِلَ اقعُدوا يا آلَ عَباسِ
ثم ارتَقُوا في شُعاعِ الشمس كلكمُ ... إلى السماء فانتم سادةُ الناسِ
وأول من نطق بهذا المعنى زهير في قوله:
لو كان يقَعدُ فوقَ الشمس من كرِمٍ ... قومُ بأولهِم أو مَجِدهم قَعَدُوا
1 / 40