Mis Viajes por el Mundo

Nawal Saadawi d. 1442 AH
139

Mis Viajes por el Mundo

رحلاتي في العالم

Géneros

ابتعدت أنا الأخرى عن الرجل، رائحة تملأ الدنيا بالقمامة والفقر، تذكرت برنارد شو: «أنا لا أحب الفقراء، ولا أحب رائحتهم»، وهل هناك أحد يحب رائحة القمامة؟ حتى الآلهة في الهند لا يحبون الفقراء والمنبوذين، خاصة الآلهة براهما وشيفا، مع أن الفقراء هم أكثر الناس حبا للآلهة، ما من معبد دخلته في الهند إلا وكان مكتظا بالفقراء. لا يكفون عن العبادات وتقديم الهدايا للآلهة وخاصة الإله «براهما»، لكن الإله «براهما» يأخذ منهم ولا يعطيهم شيئا، إنه لا يعطي إلا طبقة البراهميين، يغدق عليهم من ماله وأملاكه، مع أنهم لا يزورون المعابد أبدا، ولا يقدمون شيئا للآلهة، مثل غيرهم من طبقة رجال الحرب (التشاتريا) والتجار (الفيشيا) والتشودار أيضا أصحاب الأعمال اليدوية.

وقال شاندري: هذا حال الدنيا، والدنيا ظالمة، لكن الآلهة عادلون؛ فهم يعطون الأشرار الأموال ويعطون الفقراء الإيمان، والإيمان أفضل من المال، والفقراء منبوذون في الدنيا؛ لأنها ظالمة وزائلة. لكنهم بعد الموت سينالون رضا الآلهة ولذلك سماهم غاندي «الهاريجان» يعني أطفال الإله: نعم، نعم، وهز شاندري رأسه، نعم لن ينسى «شيفا» «الهاريجان» بعد الموت. أما الأرامل فلا مكان لهم في قلب «شيفا».

وكان لا بد أن تدفن أنديرا غاندي في مقبرة واحدة مع زوجها منذ سنين. كانت ستنعم برفقة زوجها بدلا من حياتها كامرأة وحيدة بلا رجل، تعيش في بيتها وحيدة، وتموت وتدفن في مقبرتها وحيدة. هذه الأنديرا غاندي قد حرمت نفسها من أهم الحقوق التي تحظى بها أبسط امرأة هندية، وهو أن تدفن في مقبرة واحدة مع زوجها.

صوت «شاندري» لا زال في رأسي، البحر أمامي والشاطئ. لكنه ليس شاطئ بومباي. إنه شاطئ الإسكندرية، وأنا أجلس في شرفة فندق «البوريفاج»، أمامي الورق والقلم أحاول أن أكتب، الجرسون النوبي الأسمر ترك لي صينية الشاي وجرائد الصباح، لمحت عنوانا في جريدة الأهرام (12 ديسمبر 1982):

لا يجوز دفن رجل مع امرأة في قبر واحد.

هل يجوز دفن رجل مع امرأة في قبر واحد؟

جرى عمل السلف على دفن كل ميت في قبر خاص، فإن دفن فيه أكثر من واحد كره أو حرم إلا لضرورة، ككثرة الموتى وضيق المقبرة، وروى عبد الرزاق بسند حسن عن وائلة بن الأسقع أنه كان يدفن الرجل والمرأة في القبر الواحد، فيقدم الرجل وتجعل المرأة خلفه، وكأنه يجعل بينهما حاجزا، لا سيما إذا كان أجنبيين، وذلك عند الضرورة، أما في غيرها فلا يجوز دفن رجل مع امرأة في قبر واحد عند الشافعية. كما قيل: لا يجمع بين رجل وامرأة في قبر إلا لضرورة، فيحرم عند عدمها. قال ابن الصلاح: ومحله إذا لم يكن بينهما محرمية أو زوجية، والذي في (المجموع) أن الجمع حرام حتى في الأم مع ولدها.

كتبت بضع كلمات سريعة على ورقة، طويتها وأرسلتها عن طريق البرق كأنما هي وصيتي الأخيرة.

فتح البرقية وهو جالس في بيتنا بالجيزة ودهش. كانت كلمات البرقية متكررة الحروف ثأثأة مصاب بداء في اللسان:

أأ أريد يا يا يا حبيبي أن ن ن ن ت تضمني أنا أنا وأنت وأنت، مقبرة واواواواوا واو ا وا واحدة.

Página desconocida