162

بيته وما أحسن ذكر الطريق الموصلة إليه كالطرق الموصلة إلى رب البيت [فاعلم هذا فانه لم يهمل على شيء] (1) وشرف العلم بشرف معلومه ولم يكن شيء أعز من بيت الله تعالى ولا شيء أعظم منه ولا أعظم من الطريق الموصلة إليه وأما ذكر المدن والقرى وبيان أوصافها وذكر الفلوات والصحاري والأنهار والعيون وحسن بناء المدن والأسوار والحوانيت والأسواق والأزقة والمساجد واتقانها والصوامع وأوصاف ما ذكر وملاقاة الرفاق والرجال من عامة المؤمنين وبيع الحوائج وشرائها في خاصة نفسه إذ لا فائدة تعود إلى غيره إذ هذه الأمور خاصة بمؤلف الرحلة فلا نفع فيها يتعدى لغيره من العلم أو المصالح لتجتلب أو المضار لتجتنب فذكرها عبث وهؤلاء المؤلفون مصونون عن العبث إذ مقامهم يتحاشى عن ذلك ولأنهم مشرعون والنبي صلى الله عليه وسلم ذكر أحواله للتشريع إذ هو بشر لا كالبشر فذكر أحواله من بيع وشراء ونزول وصعود وهبوط وشرب من بئر فلان ودخول بيت لفلان وصفة مسجده وبيته ودابته ولباسه ومأكله ومشربه وغير ذلك علم يفيد مصلحة أي مصلحة وأما هؤلاء فليس كذلك قلت نعم الأمر كما ذكرت لكن اتفق أهل الرحلة على ذكر ذلك قديما وحديثا فحينئذ لا يخلو عن فائدة بينة أما ما كان في خاصة نفسه إن كان خيرا فكذا مثله أن وقع بك فتشكر الله تعالى ليزيدك المعونة والخير لقوله تعالى ولئن شكرتم لأزيدنكم وإن كان مصيبة وامتحانا واختبارا فتتسلى به وتصبر كما صبر أولو العزم من الرسل فيسهل عليك حمل أعباء المصائب والله يقول إن الله مع الصابرين ولقوله أيضا ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين ) الآية وأما ذكر أوصاف المدن والقرى فلا اعتبار وقد قال بعض العلماء إنما سكن الأكابر الأمصار لتذكر آيات الله والاعتبار وحينئذ فمن لم يرها حصل له ذلك بسماع أوصافها وقد علمت أن تفكر ساعة خير

Página 179