============================================================
ولقد خشيت أن لو وجد ذلك أن لا يكون سلم مما سوى ذلك مما كره الله عز وجل في ضميره، من العجب والكبر والحسد والشماتة وسوء الظن وغيره ، لأن عامة قاء زماننا مغترون مخدوعون، نعد أنفسنا المتقشفين المتنسكين، ولعلنا عند الله من الفاجرين الفاسقين، وكيف نأمن أن نكون كذلك، ونحن لا يأتي علينا يوم إلا جددنا فيه ذنوبا لم تكن من قبل نضيفها إلى ما خلا من الذنوب بالأمس، من ذنوب الجوارح وذنوب الضمير، من الكبر والحسد والشماتة وسوء الظن والعجب والرياء وغير ذلك. فكل يوم من أعمارنا نكتسب فيه ذنوبا جديدة بجوارحنا وقلوبنا، نضمها إلى الذنوب التي كانت بالأمس جمعا جمعا.
فلن نخلو من إحدى منزلتين: آن نكون عند الله عز وجل من أهل العفو و التجاوز والصفح، فكل يوم نزداد بتجديد الذنوب مع تجديد الأيام والليالي طول مقام بين يدي الله عز وجل، وكثرة سؤال ودوام حصر (1) وكثرة تعب غير موصوف. أو أن نكون من أهل العداوة والغضب، فكل يوم نزداد فيه بتجديد الذنوب زيادة في العذاب بالتضعيف والذل والهوان؛ فلا تخلو ذنوبنا من آن نزداد بها كثرة سؤال او شدة عذاب، لأن أول ذنب اكتسبناه عند البلوغ والإدراك استوجبنا به العذاب، ثم كل ذنب بعده زيادة في العذاب بالتضعيف إلا أن يعفو الرحيم الجواد الكريم ، وإن يعف فأول ذنب أذنبناه عند البلوغ، وجب علينا التوقيف لا عليه بين يدي الله عز وجل، والسؤال عنه ثم كل ذنب بعده نزداد به توقيفا عليه وكثرة سؤال عنه.
(قال الحارث رحمه الله) (2) : يا أخي فلتكن التقوى من بالك، فإنها رأس مالك، والنوافل بعد ذلك ربحك، وليس بتاجر عاقل ولا حصيف لبيب من يعد له ربجا دون أن يكمل رأس ماله.
(1) في ط: خطر. وليس مرادا في المعنى.
(2) ما بين الحاصرتين: سقطت من ط
Página 42