189

Refutation of Al-Darimi against Al-Marisi - Edited by Al-Shawami

نقض الدارمي على المريسي - ت الشوامي

Investigador

أَبوُ عَاصِم الشَّوَامِيُّ الأَثرِي

Editorial

المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

Ubicación del editor

القاهرة - مصر

Géneros

عَلِمُوا أَنَّ القُرْآنَ كَلَامٌ. وَالكَلَامُ لَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ شَيْئًا قَائِمًا حَتَّى تُقِيمَهُ الأَلْسُن وَيَسْتَلِينَ عَلَيْهَا، وَأَنَّهُ بِنَفْسِهِ لَا يَقْدِرُ عَلَى المَجِيءِ، وَالتَّحَرُّكِ، وَالنُّزُولِ بِغَيْرِ مُنَزِّلٍ وَلَا مُحَرِّكٍ، إِلَّا أَن يُؤْتَى بِهِ وَيُنْزَّلَ.
واللهُ تَعَالَى حَيٌّ قَيُّومٌ، مَلِكٌ عَظِيمٌ، قَائِمٌ بِنَفْسِهِ، فِي عِزِّهِ وبَهَائِهِ، يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ كَمَا يَشَاءُ، وَيَنْزِلُ بِلَا مُنْزِلٍ، ويَرْتَفِعُ بِلَا رَافِعٍ، وَيفْعَلُ مَا يَشَاءُ بِغَيْر اسْتِعَانَةٍ بِأحَدٍ، وَلَا حَاجَةَ فِيمَا يَفْعَلُ إِلَى أَحَدٍ، وَلَا يُقَاسُ الحَيُّ القَيُّومُ الفَعَّالُ لِمَا يَشَاءُ بِالكَلَامِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمٌ حَتَّى تُقِيمَهُ الأَلْسُنُ، وَلَا لَهُ أَمْرٌ وَلَا قُدْرَةٌ وَلَا إِرَادَةٌ، وَلَا يَسْتَبِينُ إِلَّا بِقِرَاءَةِ القُرَّاءِ.
أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ نُزُولُهُ: أَمْرَهُ وَرَحْمَتَهُ، فَمَا بَالُ أَمْرِهِ وَرَحْمَتِهِ لَا يَنْزِلُ إِلَّا فِي ثُلُثِ اللَّيْلِ ثُمَّ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا؟ وَمَا بَالُ أَمْرِهِ وَرَحْمَتِهِ فِي دَعْوَاكَ لَا يَنْزِلُ إِلَى الأَرْضِ حَيْثُ مُسْتَقَرُّ العِبَادِ، مِمَّنْ يُرِيدُ اللهُ أَنْ يَرْحَمَهُ، وَيُجِيبَ وَيُعْطِيَ، فَمَا بَالُهَا تَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ لَا تَجُوزُهَا؟ وَمَا بَالُ رَحْمَتِهِ تَبْقَى عَلَى عِبَادِهِ مِنْ ثُلُثِ اللَّيْلِ إِلَى انْفِجَارِ الفَجْرِ، ثُمَّ تَرْجِعُ مِنْ حَيْثُ جَاءَتْ بِزَعْمِكَ؟
وَمَا بَالُهُ إِذْ الله بِزَعْمِكَ فِي الأَرْضِ، فَإِذَا اسْتَرْحَمَه عِبَادُهُ واسْتَغْفَرُوُه وَتَضَرَّعُوا إِلَيْهِ، بَعَّدَ عَنْهُمْ رَحْمَتَهُ إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا مَسِيرَةَ خَمْسمِائَة عَامٍ، وَلَا يُغَشِّيهِمْ إِيَّاهَا وَهُوَ مَعَهُمْ فِي الأَرْضِ بِزَعْمِكَ؟ إِذْ زَعَمْتَ أَنَّ نُزُولَهُ تَقْرِيبُ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ كَقَوْلِهِ الآخَرِ: «مَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا؛ تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا؛ تَقَرَّبْتُ مِنْهُ باعًا». فَقلت: هَذَا تَقَرُّبٌ بِالرَّحْمَةِ.
فَفِي دَعْوَاكَ فِي تَفْسِيرِ النُّزُولِ: مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيْهِ شِبْرًا تَبَاعَدَ هُوَ عَنْهُ مَسِيرَةَ مَا بَيْنَ الأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ، وَكُلَّمَا ازْدَادَ العِبَادُ إِلَى الله اقْتِرَابًا تَبَاعَدَ هُوَ بِرَحْمَتِهِ عَنْهُمْ بُعْدَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ بِزَعْمِكَ.

1 / 191