هذا بناقوس يدق
وذا بمأذنة يصيح
كل يعظم دينه
يا ليت شعري ما الصحيح
الله لا يفضل أمة على أمة ولا طائفة على طائفة، الله لم يصطف له في الأرض شعبا خاصا من حيث إنه ذرية لها حق الانتماء إلى اختيار الله لها دون غيرها، وما يقرأ في التوراة من تفضيل الإسرائيليين على غيرهم فلكون عبادة الأصنام والمنحوتات وسائر المخلوقات هي من خرافات الدين .
فلو تركها قوم من المغضوب عليهم كما في التوراة واستساروا بحسب الناموس الطبيعي لكانوا كالإسرائيليين الذين استلموا الوصايا؛ إذ الوصايا العشر كلها طبيعية يفهم ضرورتها العقل المتنور ويغلط من يفهم اختيار الله للإسرائيليين أنه اختارهم ليعضدهم ويهديهم دون غيرهم، فلو كان هذا هو المفهوم لبقيت عجائبه فيهم بعد مجيء المسيح أيضا.
ولكن عدل الله أرفع من أن يحصر خلاصه بذرية دون غيرها؛ ولذلك قال في الإنجيل الطاهر: اذهبوا وبشروا كل الأمم، أن من سار حسب الشرائع الطبيعية فعمل الخير وابتعد عن الشر كما يرشده عقله ولم يتوصل إلى معرفة الدين الحقيقي فإنه لا يهلك؛ لأن الله رءوف ورأفته لا منتهى لها؛ ولذلك أقول مع محمد
صلى الله عليه وسلم
ما الناس إلا أمة واحدة. هذه آية منزلة وهي عين الحكمة التي أوحاها الله لأوليائه، ما الناس إلا أمة واحدة، افتكروا فيها، إنها لآية فلسفية سامية وما الدين التوحيدي إلا دين واحد، فكلنا نتحد يا رب، وكلنا نعبد إلها واحدا.
قلت: إن التساهل مبني على الخلاف وادعاء الحق اللذين قد يكونان أوصلا الشبطيقيين إلى الشك في كل شيء، فقالوا عن كل أمر: «لا ندري» وهم اللا أدرية المسخور بهم؛ لأنهم يقولون لا ندري عما هو حقيقة مدركة لا لأنهم يقرون بقصورهم عن إدراك مسائل شتى وحقائق فوق العقل. ففي مثل هذه الحال تفتخر العلماء والحكماء بقولهم لا ندري جوابا عن المسائل التي تفوق مداركهم والكنوه الإلهية التي يعجز عن تحديدها العقل البشري، فلم نتعصب ولم نستبد ما زلنا نتذبذب من ضعفنا عن البحث في أمور دينية كثيرة لم يصل إليها. العاقل من قال لا أدري جوابا عن مسألة لا علم له بها، فقد برهن عن صحة عقله وسلامة ذوقه وحسن رأيه وعمق حكمته وثاقب فطنته.
Página desconocida