Opinión sobre Abi al-Ala: El hombre que encontró a sí mismo

Amin Khuli d. 1385 AH
210

Opinión sobre Abi al-Ala: El hombre que encontró a sí mismo

رأي في أبي العلاء: الرجل الذي وجد نفسه

Géneros

إذا قضى مالك الأفلاك أنضاني

متى أراد فصفحاي اللذان هما

بحرا الردى من حياض الموت حوضان

وإن كهمت فأمر الله أكهمني

وإن مضيت فأمر الله أمضاني

2: 316

فقوله هذا في نداء السيف: ليس لي عمل، وأن كهامه يفري بأمر الله، وأنه إن مضى فبأمر الله، وإن كهم فبأمر الله؛ كاف في أنه ينفي بذلك الأسباب نفيا لا هوادة فيه، وأنه لا يرى لهذا الكون نواميس طبيعية، وإنما هي القدرة الإلهية والأمر الإلهي. وأبو العلاء بسيفه هذا أمضى في قول الدينيين وأبلغ؛ فالري ليس من الشرب، ولا الشبع من الأكل، ولا الموت من جز الرقبة، ولا قطع بضرب الحسام؛ لأنه قد ينهاه الله فيكهم. وقد بعد الرجل عن ميدان الفلسفة بهذا التقرير بعدا تاما، ومضى يمعن في بعده هذا، حتى لتحس إذا تابعت قراءته أن هذا الذي فلسفوه حقا يسلط القدرة الإلهية والمشيئة الربانية على الكون وشئونه، ويعرض من ذلك لما يلتحق بالمعجزات طورا وبالكرامات تارة، ويأمل تحقق ذلك من غير طرائقه ومعتاد أمره، تارة لنفسه التي يبدو حبها للحياة والقوة في مثل ما قرأت أول هذا البحث، وحينا يأمل هذه الخوارق لغيره، أو يمجد الله لقدرته المطلقة ومشيئته النافذة في إمكان تحقيقها قائلا: لو شاء ربنا وهو القادر لا يعجزه شيء.

ثم هو فيما يورده من ذلك تجري على لسانه عبارات واصطلاحات تتصل بمقررات لأصحاب علم الكلام الإسلامي، أو أصحاب الفلسفة العامة، فتكون حينا وفق ما قرروها، وحينا غير ما عرف عنهم؛ ولهذا كله سبب قوي من عوالم الشيخ النفسية - أو مما يكشفه الدرس غير ذلك - وفي كل حال لا يحسن أن نعرض لصنيعه في حديث القدرة والمشيئة قبل أن نذكر القارئ بالمهم من هذه الاصطلاحات ليقضي برأيه في صنيع أبي العلاء عن بينة، ويرى رأيه في مكانه بين الفلسفة والدين على أساس صحيح. •••

فأصحاب الكلام يذكرون المستحيل ويريدون به ما لا يمكن وجوده بل يستحيل وجوده في الخارج؛ لأنه إذا تصورت ذاته مجردة من كل اعتبار لم تكن إلا مستحيلة الوجود بحكم العقل القاطع لا بحكم العادة؛ فالذهن لا يستطيع أن يتصور له ماهية كائنة، والعدم من لوازم ماهيته. وذلك هو المستحيل العقلي كاجتماع النقيضين الوجود والعدم، فإن الذهن لا يستطيع أن يتصور كون الشيء موجودا وغير موجود في آن واحد، وكخلو الجرم عن الحركة والسكون معا؛ فإن العقل يجزم في مثل هذين بعدم تحقق أحدهما لذاته؛ إذ لا يمكنه تصوره.

وإذا كان هذا هو المستحيل العقلي الذي انتفى فيه الوجود، واستحال التحقق بحكم العقل القاطع فهناك مستحيل سموه: المستحيل العادي، تحكم بعدم وجوده في الخارج العادة والإلف، وما عهده الناس من شئون الكون، لكن العقل يتصوره ويجده ممكنا، وله بهذا وجود ذهني، لا خارجي، ثم قد يكون له هذا الوجود الخارجي في حال خاصة من تقدم علم الناس بقوانين الكون ومعرفتهم قانونا جديدا مما يسير عليه الوجود، كما قد يوجد في الخارج بمعجزة كان يمكن أن تجري في عصر المعجزات على يد أحد المرسلين،

Página desconocida