كان ملكا عادلا كريما ووقع فى أيامه قحط استمر سبع سنوات، وفى ذلك الوقت رفع الخراج عن الرعية، وفعل ذلك رغبة منه فى ألا يبيت أحد فى مملكته من فقير وغنى وهو جائع ، ولما ظهر أثر عدله فى الدنيا بأسرها بدل الله تعالى هذا الضيق بالسعة والنعمة، وهطلت أمطار الرحمة ورخصت الأسعار، وقالوا:
سلطان عادل خير من مطر وابل.
شعر
ما دام الملك عادلا فلا تشك
وعدل السلطان أفضل من السنة الخصبة
حكاية:
فى ذلك الوقت الذى انتصر فيه فيروز على هرمز بمعاونة خشنوار ملك الهياطلة وأصبح ملكا، كان خشنوار هذا قد وضع أساس الظلم والتعدى على الرعية، وسلك مسلك قوم لوط، فاشتكى الخلق من هذا الوضع، وطلبوا الإنصاف من حضرة فيروز، فأرسل فيروز إليه رسولا، وقال: لك حق على ولكن حق الله أعظم من حقك وهؤلاء الخلق يتظلمون منك، ولو لم تكف عن هذا الفعل المذموم فالعهد بينى وبينك مستحكم وإذا لم تقدم على هذا، فسوف أحضر وأدمر بلادك، ولم يلتفت خشنوار إلى كلامه، فقاد فيروز الجيش وقصده، ولما علم بالخبر استشار قادة الجيش، وقال: أعلم أن لا طاقة ولا مقاومة لى بجيش فيروز، فقال قائد من قواده: إذا قبل الملك زوجتى وأبنائى أن يكونوا له بعدى حتى أطمئن عليهم تماما فأنا أكفيك شر فيروز وجيشه، فتكفل خشنوار فى حضور المعارف بهم، وأعطاهم مالا كثيرا، فقطع هذا الأمير يده، واستقبلهم وجلس فى طريق فيروز، وعرض نفسه عليه، فعرفه فيروز وقال: ما الحالة؟
قال: كنت ألوم خشنوار مدة وأنصحه أنك لا تقدر على مقاومة فيروز والمصلحة فى أن تجتهد فى مصالحتهم، فاتهمنى وقطع يدى، وطرحت نفسى فى هذا الطريق حتى تطلع شمس إقبالك وتنتقم منه، وتستغرق المدة من المكان الذى تأتون منه إلى المكان الذى هو فيه عشرين يوما، وأنا أدلكم على طريق تصلون منه إليه فى خمسة أيام وتنقضون عليه فجأة.
Página 72