172

كان الخليفة العشرين من خلفاء بنى العباس، والتاسع والثلاثين بالنسبة للنبى (عليه السلام)، أمه أم ولد ظلوم، ووزيره أبو على محمد بن على بن مقلة، وبعده أبو على عبد الرحمن بن عيسى بن داود الجراح، وبعده أبو جعفر بن أبى القاسم الكرخى، وبعده أبو القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد، وبعده أبو الفتح فضل بن جعفر بن الفرات، وآخرهم أبو عبد الله أحمد بن محمد البريدى، وكان كاتبه بن جعفر الخصيبى، وحاجبه على بن صليق، وتوقيعه (اشكر الله يزدك)، ويقال: (المنتقم بأعدائه)، وكان الراضى آخر خليفة خطبوا له على المنبر، كان رجلا فاضلا شجاعا، وبعده اتجه الخلفاء إلى الناس، وله أشعار كثيرة منها فى وصف حاله مع المعشوق:

يصفر وجهى إذا تأمله

طرفى ويحمر وجهه خجلا

حتى كأن الذى بوجنته

من دم قلبى إليه قد نقلا

وتوفى أبو إسحاق إبراهيم بن داود الرقى، وكان من كبار مشايخ الشام، ومن أقران الجنيد وابن جلا، وأبو بكر محمد بن موسى الواسطى وأصله من فرغانة، وكانت له الصحبة مع الجنيد ونورى فى سنة ثلاثمائة وست وعشرين، وتوفى أبو محمد عبد الله بن محمد المرتعش النيسابورى، وصحب أبا حفص، وأبا عثمان، والجنيد فى سنة ثلاثمائة وثمان وعشرين فى بغداد.

حكاية:

قال مرتعش: نزلت ذات يوم فى محلة، وكان الجو حارا؛ فظمئت وطلبت ماء من بيت؛ فأحضرت فتاة ذات جمال كوزا من الماء، فصار قلبى فريسة حسنها، فجلست هناك حتى خرج صاحب البيت، فقلت : أيها السيد، أعطونى من دارك شربة ماء وسلبوا قلبى، فقال: لا تحزن إنها ابنتى وأزوجك إياها، ثم مضيت معه إلى البيت، وعقد عقد النكاح فأرسلنى إلى الحمام، وأخذوا خرقتى وألبسونى ثوبا جميلا، ولما حل الليل أدخلونى المنزل مع العروس، فاشتغلت بالصلاة، فسمعت صوتا فجأة أثناء الصلاة يقول: يا مرتعش لقد اختلفت بذلك الرأى عنا فقد خلعنا عن ظاهرك ثوب أهل الصلاح، وإذا أبديت رأيا آخر نخلع ثوب المعرفة عن باطنك، ولما سمعت ذلك صحت قائلا:

ردوا إلى مرقعتى، فأحضروها فلبستها وخرجت. قال: كل من يظن أن فعله ينجيه من النار، أو يصل به إلى الجنة فيقينا أنه ألقى بنفسه فى الخطر، وكل من يثق فى فضل الله، فإن الله تعالى يدخله الجنة، كما قال الله تعالى: قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا 64.

وتوفى الراضى فى بغداد يوم الخميس السادس من جمادى الأولى سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، وكانت مدة خلافته ستة أعوام وأحد عشر شهرا وثمانية عشر يوما.

Página 197