غيره فلا يتم الاستدلال، ورُدّ بأنه ورد في الحديث المذكور بلفظ التراب أخرجه ابن خزيمة وغيره. وفي حديث علي: "جُعل التراب لي طهورًا" أخرجه أحمد والبيهقي بإسناد حسن وأجيب أيضا عن ذلك الاستدلال بأن تعليق الحكم بالتربة مفهوم لقب ومفهوم اللقب ضعيف عند أرباب الأصول ولم يقل به إلا الدقاق فلا ينتهض لتخصيص المنطوق ورُدّ بأن الحديث سيق لإظهار التشريف فلو كان جائزًا بغير التراب لما اقتصر عليه، وأنت خبير بأنه لم يقتصر على التراب إلا في هذه الرواية نعم الافتراق في اللفظ حيث حصل التأكيد في جعلها مسجدًا دون الآخر كما سيأتي في حديث مسلم يدل على الافتراق في الحكم وأحسن من هذا أن قوله تعالى في آية المائدة: ﴿مِنْهُ﴾ يدل على أن المراد التراب وذلك لأن كلمة مِن للتبعيض كما قال في الكشاف أنه لا يفهم أحد من العرب من قول القائل مسحت برأسه من الدهن والتراب إلا معنى التبعيض انتهى. فإن قلت سلمنا التبعيض فما الدليل على أن ذلك البعض هو التراب؟ قلت: التنصيص عليه في الحديث المذكور انتهى. "يستباح به ما يستباح بالوضوء والغسل لمن لا يجد الماء" لأن حكم التيمم مع العذر المسوغ له حكم الوضوء لمن لم يكن جنبًا وحكم الغسل لمن كان جنبا يصلي به ما يصلي المتوضئ بوضوئه ويستبيح المغتسل بغسله فيصلي به الصلوات المتعددة ولا ينتقض بفراغ من صلاة ولا بالاشتغال بغيره ولا بخروج وقت على ما هو الحق والخلاف في ذلك معروف والأدلة الواردة لمشروعية التيمم عند عدم الماء ثابتة كتابًا وسنة. قال في الحجة: ولم أجد في حديث صحيح تصريحًا بأنه يجب أن يتيمم لكل فريضة أو لا يجوز التيمم للآبق ونحوه وإنما ذلك من التخريجات وإنما لم يفرق بين بدل الغسل والوضوء ولم يشرع التمرغ لأن من حق ما لا يعقل بادي الرأي أن يجعل كالمؤثر بالخاصية دون المقدار فإنه هو الذي اطمأنت نفوسهم به في هذا الباب ولأن التمرغ فيه بعض الحرج فلا يصلح رافعًا للحرج بالكلية وفي معنى المرض البرد الضار لحديث عمرو بن العاص رض والسفر ليس بقيد إنما هو صورة لعدم وجدان الماء تتبادر إلى الذهن وإنما لم يؤمر بمسح الرِّجْل بالتراب لأن الرِّجل محل الأوساخ وإنما يؤمر بما ليس حاصلًا ليحصل التنبيه به انتهى. "أو خشي الضرر من استعماله"
1 / 59