كما تطلق على المندوب فيقال مثلا: الدليل على هذا الحكم من السنة ولا يقال: إن الحقيقة الشرعية مقدمة على اللغوية لأن المراد بالسنة كما عرفت في لسان الشارع ليس ما اصطلح عليه الفقهاء وأهل الأصول فتأمل.
ثم يغسل جميع وجهه والمراد بالوجه ما يسمى وجهًا عند أهل الشرع واللغة ووجوب غسل الوجه لا خلاف فيه في الجملة وقد قام عليه الدليل كتابا وسنة، ثم يديه مع مرفقيه وهو نص القرآن الكريم والسنة المطهرة ولا خلاف في ذلك، وإنما وقع الخلاف في وجوب غسل المرفقين معهما، ومما يدل على وجوب غسلهما جميعا حديث جابر رضي الله تعالى عنه عن الدارقطني رح تعالى والبيهقي رح تعالى أن النبي ﷺ أدار الماء على مرفقيه ثم قال: "هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به". وفي إسناده ضعيفان هما عباد بن يعقوب والقاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل ولكن يغني عن هذا الضعف ما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أنه توضأ ثم غسل يده حتى شرع في العضد ثم قال: رأيت رسول الله ﷺ يتوصأ هكذا. وفي رواية الدارقطني رح تعالى من حديث عثمان ﵁ أنه غسل وجهه ويديه حتى مس أطراف العضدين. قال الحافظ: وإسناده حسن، وأخرج البزار والطبراني من حديث ثعلبة بن عباد عن أبيه مرفوعًا: ثم غسل ذراعيه حتى يسيل الماء على مرفقيه، وهذا بيان لما في القرآن فأفاد أن الغاية داخلة فيما قبلها. "ثم يمسح رأسه" ولا خلاف فيه في الجملة وإنما وقع الخلاف هل المتعين مسح الكل أم يكفي البعض؟ وما في الكتاب العزيز قد وقع الخلاف في كونه يدل على مسح الكل أم البعض والسنة الصحيحة وردت بالبيان وفيها ما يفيد جواز الاقتصار على مسح البعض في بعض الحالات كما في صحيح مسلم وغيره من حديث المغيرة ﵁: أنه ﷺ توضأ ومسح بناصيته على العمامة. وأخرج أبو داود رح تعالى من حديث أنس ﵁: أنه ﷺ أدخل يده من تحت العمامة فمسح مقدم رأسه ولم ينقض العمامة. وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أنه مسح رأسه فأقبل وأدبر وهذه هي الهيئة التي استمر عليها ﷺ فاقتضى هذا أفضلية الهيئة التي كان صلى الله تعالى عليه وسلم يداوم عليها
1 / 37