El Jardín Perfumado en Explicación de la Biografía del Profeta
الروض الأنف في شرح السيرة النبوية
Editorial
دار إحياء التراث العربي
Edición
الأولى
Año de publicación
١٤١٢ هـ
Ubicación del editor
بيروت
Regiones
•Marruecos
Imperios
Almorávides o al-Murābiṭūn
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَلَمْ يَكُنْ لِيَدْعُوَ حِينَ اجْتَهَدَ فِي الدّعَاءِ لِأُمّتِهِ أَلّا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ، وَهُوَ رَءُوفٌ بِهِمْ، عَزِيزٌ عَلَيْهِ عَنَتُهُمْ إلّا بِالِاسْمِ الْأَعْظَمِ، لِيُسْتَجَابَ لَهُ فِيهِ، فَلَمّا مُنِعَ ذَلِكَ عَلِمْنَا أَنّهُ لَيْسَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ إلّا وَهُوَ كَسَائِرِ الْأَسْمَاءِ فِي الْحُكْمِ وَالْفَضِيلَةِ، يَسْتَجِيبُ اللهُ إذَا دُعِيَ بِبَعْضِهَا إنْ شَاءَ، وَيَمْنَعُ إذَا شَاءَ، وَقَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا، فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى [الْإِسْرَاءُ: ١١٠]، وَظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ: التّسْوِيَةُ بَيْنَ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى، وَكَذَلِكَ ذَهَبَ هَؤُلَاءِ وغيرهم من العلماء إلى أنه ليس شئ من كلام الله تعالى أفضل من شئ، لِأَنّهُ كَلَامٌ وَاحِدٌ مِنْ رَبّ وَاحِدٍ، فَيَسْتَحِيلُ التّفَاضُلُ فِيهِ.
قَالَ الشّيْخُ الْفَقِيهُ الْحَافِظُ أَبُو القاسم- عفا الله عنه: وجه استفتلح الْكَلَامِ مَعَهُمْ أَنْ يُقَالَ: هَلْ يَسْتَحِيلُ هَذَا عَقْلًا، أَمْ يَسْتَحِيلُ شَرْعًا؟ وَلَا يَسْتَحِيلُ عَقْلًا أَنْ يُفَضّلَ اللهُ سُبْحَانَهُ عَمَلًا مِنْ الْبِرّ عَلَى عَمَلٍ، وَكَلِمَةً مِنْ الذّكْرِ عَلَى كَلِمَةٍ، فَإِنّ التّفْضِيلَ رَاجِعٌ إلَى زِيَادَةِ الثّوَابِ وَنُقْصَانِهِ، وَقَدْ فُضّلَتْ الْفَرَائِضُ عَلَى النّوَافِلِ، بِإِجْمَاعِ، وَفُضّلَتْ الصّلَاةُ وَالْجِهَادُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الْأَعْمَالِ وَالدّعَاءِ، وَالذّكْرُ عَمَلٌ مِنْ الْأَعْمَالِ، فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُ أَقْرَبَ إلَى الْإِجَابَةِ مِنْ بَعْضٍ، وَأَجْزَلَ ثَوَابًا فِي الْآخِرَةِ مِنْ بَعْضٍ، وَالْأَسْمَاءُ عِبَارَةٌ عَنْ الْمُسَمّى، وَهِيَ مِنْ كَلَامِ اللهِ سُبْحَانَهُ الْقَدِيمِ «١»، وَلَا نَقُولُ فِي كَلَامِ اللهِ: هو هو، ولا هو
(١) لا يجوز الإخبار عن الله بأنه قديم؛ إذ لم يرد هذا فى قرآن أو حديث، وإنما يقال عنه: إنه الأول بدلا من القديم، فقد وصف الضلال بأنه قديم، والعرجون كذلك والبيت القديم. ثم القدم لا يمنع من أن يكون له أول أو بداية.
1 / 198