المشبه إنما شبه القرآن بربه حيث وصفه بالقدم وعدم الحدوث لكن يلزم من شبه الخلق بالله تشبيه الله بالخلق، إذ لا معنى لتشبيه شيء بشيء الأبيان اشتراكهما في لازم مشهور، وذلك اللازم هو وجه التشبيه.وأتى المصنف باللازم تبيينا للسامع بأنه يلزم على هذه المقالة هذا الأمر الشنيع والمقال الفظيع ولا يتكرر ((مع ما هنا (¬1) قول في البيت الآتي :(ولبست من تشبيه ربك ملبسا... إلى آخره). لأن ما هنا بيان كونه مشبها وما هنالك بيان ما أداه إليه تشبهه، فما سيأتي ثمرة لما هنا فمن ثم رتبه عليه فتفطن له فإنه لطيف)) .
وقوله حسنت لديك :أي عندك .
والسفاسف : جمع سفساف وهو الرديء من كل شيء والأمر الحقير، ومنه الحديث : (( إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها ))، وعبر بالسفاسف هنا عن الشبه التي تشبث بها القائلون بقدم القرآن التي منها ما أجاب عنها المصنف -فيما سيأتي- ومنها ما ضرب صفحا عن ذكره صونا لنظمه عنه واحتقارا له ولا بأس أن نأتي ببعض ذلك هنا فنجيب عنه .
أدلة القائلين بقدم القرآن
اعلم أن القائلين بقدم القرآن قد استدلوا على ثبوت مدعاهم بالعقل والنقل. فأما دليلهم العقلي فهو أنهم قالوا : أن الله متكلم وأن القرآن كلام الله، وكلامه تعالى أزلي قديم لأن صفاته قديمة فثبت أن القرآن قديم، ولا يصح أن تكون صفاته محدثة مخلوقة فثبت أن القرآن غير مخلوق .
قلنا : ((إن الكلام نوعان : ذاتي وفعلي، فالذاتي هو عبارة عن نفي الخرس عنه تعالى، والفعلي هو القرآن وسائر الكتب المنزلة .
وقالوا أيضا (¬2) : فالقرآن علم الله وعلم الله ليس بمخلوق .
قلنا : القرآن معلوم الله، لا علمه، فإنه عالم بذاته لا بشيء هو غيره، فتسمية القرآن بعلم الله تجوز كتسمية المأكول بالأكل والمشروب بالشرب وهكذا ...
Página 67