Raising Interests and Wisdom in the Legislation of the Prophet of Mercy ﷺ
رعاية المصلحة والحكمة في تشريع نبي الرحمة ﷺ
Editorial
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Número de edición
العدد ١١٦،السنة ٣٤
Año de publicación
١٤٢٢هم٢٠٠٢م
Géneros
غمرة الحماس للنصوص الْجُزْئِيَّة، وَلَا الْعَكْس، بل ربطوا الجزئيات بالكليات وَالْفُرُوع بالأصول، وَالْأَحْكَام بالمقاصد١.
فَهَذَا معَاذ ﵁ أرْسلهُ رَسُول الله ﷺ إِلَى الْيمن معلما وقاضيًا وَأمره أَن يَأْخُذ الزَّكَاة من أغنيائهم ليردها إِلَى فقرائهم، حَيْثُ قَالَ لَهُ: "وأعلمهم أَن الله افْترض عَلَيْهِم الصَّدَقَة فِي أَمْوَالهم، تُؤْخَذ من أغنيائهم فَترد على فقرائهم وَإِيَّاك وكرائم أَمْوَالهم، وَاتَّقِ دَعْوَة الْمَظْلُوم فانه لَيْسَ بَينهَا وَبَين الله حجاب" ٢. وَكَانَ فِيمَا قَالَه لَهُ أَيْضا: "خُذ الْحبّ من الْحبّ، وَالشَّاة من الْغنم وَالْبَعِير من الْإِبِل، وَالْبَقَرَة من الْبَقر" ٣ وَلَكِن معَاذًا ﵁ لم يجمد على ظَاهر الحَدِيث بِحَيْثُ لَا يَأْخُذ من الْحبّ إِلَّا الْحبّ ... الخ وَلَكِن نظر إِلَى الْمَقْصد من أَخذ الزَّكَاة، وَهُوَ التَّزْكِيَة والتطهير للغني وسد خلة الْفُقَرَاء من الْمُؤمنِينَ فَلم ير بَأْسا من أَخذ قيمَة الْعين الْوَاجِبَة فِي الزَّكَاة، كَمَا ذكره البُخَارِيّ فِي صَحِيحه مُعَلّقا بِصِيغَة الْجَزْم، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه بِسَنَدِهِ عَن طَاوس عَن معَاذ أَنه قَالَ لأهل الْيمن: "ائْتُونِي بخميس أَو لبيس آخذه مِنْكُم مَكَان الصَّدَقَة فَإِنَّهُ أَهْون عَلَيْكُم وَخير للمهاجرين بِالْمَدِينَةِ" ٤.
وَقد ذهب إِلَى هَذَا أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَالثَّوْري وَعمر بن عبد الْعَزِيز وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَأحمد - فِي غير زَكَاة الْفطر - وَهُوَ الظَّاهِر من مَذْهَب البُخَارِيّ فِي صَحِيحه٥.
_________
١ - انْظُر المرجعية الْعليا فِي الْإِسْلَام لِلْقُرْآنِ وَالسّنة للدكتور القرضاوي حَيْثُ التَّفْصِيل ص٢٣٦ - ٢٣٧.
٢ - رَوَاهُ البُخَارِيّ ١ / ٣٢٢ وَفِي أمكنة أُخْرَى وَرَوَاهُ أَيْضا مُسلم وَأَصْحَاب السّنَن وَغَيرهم.
٣ - رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الزَّكَاة ٢ / ٢٥٣ وَابْن مَاجَه (١٨٤١) وَالْحَاكِم ١ / ٣٣٨ وَصَححهُ على شَرط الشَّيْخَيْنِ - إِن صَحَّ سَماع عَطاء بن يسَار من معَاذ وَقَالَ الذَّهَبِيّ: لم يلقه.
٤ - صَحِيح البُخَارِيّ فِي كتاب الزَّكَاة، بَاب أَخذ الْعرُوض فِي الزَّكَاة٣/٢١١الْبَيْهَقِيّ٤/١١٣.
٥ - انْظُر فقه الزَّكَاة للقرضاوي ٢ / ٨٠٩ - ٨١٤ ط: مكتبة وَهبة.
1 / 215