فأفاد مفهوم ﴿الأحقاب﴾ أنه لا خلود فيها إذ الأبدي لا يقدر بزمان. وأما دلالتها على أن المخبر عنهم باللبث (أحقابا) هم الكفار فلقوله فيهم ﴿إنهم كانوا لا يرجون حسابا. وكذبوا بآياتنا كذابا﴾
وهذه صفات الكفار
وهذا تقرير مراد شيخ الإسلام
والعجب من استدلاله بصدر الآية وذهوله عما عقب به من قوله ﴿فلن نزيدكم إلا عذابا﴾ فإن المراد لن نزيدكم بعد لبثكم أحقابا إلا عذابا ضرورة أنهم معذبون حين لبثهم ﴿أحقابا لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا﴾ فزيادة العذاب بعد الأحقاب بل خص تعالى الزيادة على العذاب وأنه تعالى لا يزيدهم بعد لبث الأحقاب إلا عذابا فانتفى مفهوم العذاب الذي أفاده الجمع الذي جعله ابن تيمية دليلا على فناء النار وعدم أبديتها مع أنه استدلال بمفهوم العدد وهو من أضعف المفاهيم على هذه المسألة المعظمة الذي لا يعتمد عليه محقق وكيف يجعل أقوى من التأييد المصرح به في عدة آيات من آيات وعيد أهل النار (٥٨) فلو عارض مفهوم العدد منطوق التأبيد لكان الحكم للمنطوق اتفاقا
هذا وذكر البغوي أنه قال مقاتل بن حيان: هذه الآية منسوخة
_________
(٥٨) انظر بعض الآيات الواردة في ذلك في المقدمة وفيما يأتي في الدليل الثاني من أدلة القائلين بعدم فناء النار (ص ١١٧)
1 / 88