عند مسلم (٨ / ٩٧) وسيأتي عن ابن يتيمة وغيره أنه متواتر في التعليق (٩٧)
فهذا الرجل أنساه خوفه من ربه قدرته تعالى على إعادة خلقه وهي معلومة يقينا ﴿وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم. قل يحيها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم﴾ [يس / ٧٨ ٧٩]
فما أشبه ابن تيمية به من حيث أنه غفل عن المعلوم يقينا أيضا وهو أن النار باقية لا تفنى إلا أن الحامل له على ذلك إنما كان ثقته البالغة في رحمة ربه وعوه وأنها وسعت كل شيء دون ما استثناء ووافق ذلك منه خلقا كريما وطبع رحيما جبله الله عليه عرف به بين أصحابه ولا أدل على ذلك مما كتب به إليهم من سجنه الظالم في مصر:
(فلا أحب أن ينتصر من أحد بسبب كذبه علي أو ظلمه وعدوانه فإني قد أحللت كل مسلم وأنا أحب الخير لكل المسلمين وأريد لكل مؤمن من الخير ما أحبه لنفسه والذين كذبوا وظلموا فهم في حل من جهتي ... أسأل الله أن يتوب عليهم وأنتم تعلمون هذا من خلقي ...) . انظر (مجموع الفتاوى) (٢٨ / ٥٥ - ٥٦)
وساعده على ذلك ظواهر بعض الآيات والأحاديث التي لم يمعن النظر فيها فلم يتبين له خطأ استدلاله بها حتى استقر ذلك القول في نفسه وأخذ بمجامع لبه فصار يدافع عنه ويحتج له بكل دليل يتوهمه ويتكلف في الرد على الأدلة المخالفة له تكلفا ظاهرا خلاف المعروف عنه وتبعه في ذلك بل وزاد عليه تلميذه وماشطة كتبه - كما يقو ل البعض - ابن قيم الجوزية
حتى ليبدو للباحث المتجرد المنصف أنهما قد سقطا فيما ينكرانه على أهل البدع والأهواء من الغلو في التأويل والابتعاد بالنصوص عن دلالتها الصريحة وحملها على ما يؤيد ويتفق مع أهوائهم كما سترى ذلك مفصلا في (الرسالة) هذه (ص ١١٦ - ١٢٢) حتى بلغ الأمر بهما إلى تحكيم العقل فيما لا مجال له فيه كما يفعل
1 / 22