ومما يسألون عنه قول الله سبحانه: {وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم} [الزخرف: 20]. يقال لهم(1): أليس قد أخبر الله أن قوما قالوا: لو شاء الرحمن ما عبدنا غيره؟ فإذا قالوا: نعم؛ يقال لهم: أليس قد قال الله: {مالهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون} [الزخرف: 20]، والخرص فهو: الكذب؟ فما(2) تقولون في ذلك؟ فإن قالوا: صدق الله، إنهم لكاذبون فيما ادعوا(3) عليه؛ تركوا قولهم، ورجعوا إلى الحق، وقالوا بالعدل. وإن قالوا: هم كما قالوا: لو شاء الله ما عبدوا غيره؛ فقد صدقوا قول الفاسقين، وردوا قول رب العالمين، ومن قال بذلك كان بالله من الكافرين، ولعذابه من المستوجبين.
***
ومما يسألون عنه أن يقال لهم: خبرونا عن قول الله سبحانه: {يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره} [الصف: 8]، أفتقولون: إن الكافرين هم الذين أرادوا أن يطفئوا نور الله من دونه؟ أم هو الذي أراد أن يحملهم على إطفاء نوره(4)؟ فإن قالوا: أراد إتمام نوره؛ تركوا قولهم، ورجعوا إلى الحق، وقالوا بقول الله في ذلك.
وإن قالوا: بل الله الذي أراد إطفاء نور نفسه؛ ردوا قول الله وكفروا به؛ لأن الله يقول في كتابه: {يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره} [التوبة: 32]، (والله يقول: إنهم يريدون إطفاء نور الله) (5)، والمجبرة القدرية(6) تقول: بل الله يريد إطفاء نور نفسه؛ إذ زعمت أنه يقضي على الفسقة بذلك.
***
Página 544