ومما يسئلون عنه: أن يقال لهم: أخبرونا(1) عن قول الله سبحانه: {إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا} [الإنسان: 29]، وعن قوله: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها} [الكهف: 29]، أمن شاء أن يفعل خيرا فعله، أم ليس(2) هو عندكم كما قال الله؟ فإن قالوا: ليس هو كما قال الله؛ كفروا، وإن قالوا: هو كما قال الله؛ رجعوا إلى الحق، وقالوا على الله سبحانه بالصدق، وأقروا أن العباد ممكنون من العمل، وأنهم يفعلون ما شاؤا بما جعل الله فيهم، من الاستطاعة التي ركبها فيهم. فإن قالوا: ليس هذا كذلك؛ ردوا كتاب الله وكذبوه، ومن فعل ذلك فقد كفر.
***
ومما يسئلون عنه من محكم كتاب الله أن يقال لهم: خبرونا عن قول الله سبحانه: {سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون} [الأنعام: 148]، أفتقولون: إنهم صدقوا في قولهم: إن الله لم يشأ إيمانهم. فإن قالوا: صدقوا، كذبوا الله في قوله(3)، وكفروا بالله. وإن قالوا: لا بل كذبوا على الله في قوله(4)، وقد شاء منهم الإيمان ودعاهم إليه، ولم يشاء منهم الشرك؛ رجعوا عن قولهم، وصاروا إلى القول بالحق.
***
Página 543