الخامس: أنه قد ثبت أنه يدخل الجنة من ينشأه في الآخرة لها (١) ويدخلها من دخل النار أولا (٢)، ويدخلها الأولاد بعمل الآباء (٣)، فثبت أن الجنة يدخلها من لم يعمل خيرا، وأما النار فلا يعذب أحد بذنوبه، فلا تقاس هذه بهذه.
السادس: أن الجنة من مقتضى رحمته ومغفرته، والنار من عذابه، وقد قال: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ﴾ (٤) .
وقال: ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (٥) .
وقال: ﴿رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (٦) .
فالنعيم من موجب أسمائه التي هي من لوازم ذاته فيجب داومه بدوام معاني أسمائه وصفاته.
وأما العذاب فإنما هو من مخلوقاته، والمخلوق قد يكون له انتهاء مثل الدنيا وغيرها، لاسيما مخلوق خلق تتعلق بغيره.
_________
(١) يشير - إلى قوله ﷺ وأما الجنة فإن الله ﷿ ينشئ لها خلقا.. أخرجه البخاري من رواية أبي هريرة، صحيح البخاري" مع شرحه "فتح الباري" - كتاب التفسير - باب ﴿وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾ ٨/٤٦٠ الحديث برقم ٤٨٥٠.
(٢) كما تقدم في حديث الشفاعة "ص٥٦" هامش ٣.
(٣) يشير إلى قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ الطور: من الآية٢١
(٤) سورة الحجر، الآيات: ٤٩-٥٠.
(٥) سورة المائدة، الآية: ٩٨.
(٦) سورة الأنعام، الآية: ١٦٥.
1 / 81