وأما منافع الكرمة على مذاهب الأطباء فإن الغالب على عروقها التي في الأرض طبائع البرودة واليبوسة فمتى جُففت في الظل وسحقت ونثرت على المواضع العميقات من الخراجات، أنبتت فيها اللحم بسرعة، وهي تنشف الرطوبات التي في الجراحات العظام وتلحم قطع السيف والسكين، ومتى نثرت على المواقع التي فيها الشوك من البدن جذبته وأخرجته. ومن منافعها الكبرى أنها إذا نثرت على الإحليل المختون أبرأته في الوقت ولم تقلع إلا بالبرء، وقشور هذه العروق إذا طرحت مع أدوية الحقنة وطبخت معها وحُقن بها أسهلت للوقت وأبرأت من القولنج، وإذا شربت نفعت من المغس الشديد، وإذا احتملت مسحوقة بدهن الورد حبست الدم من المقعدة، وأما حطب الكرم فإنه إذا أحرق وسحق من رماده درهم في كل يوم مع درهم خل خمرٍ سبعة أيام نفع منفعة عظيمة في تفتيته الحصى الكائنة في المثانة ونفع من المغس وسكَّنه، وإذا أخذ عوده الرقيق الملتف وشُرب منه كلَّ يوم خمسة دراهم سبعة أيام نفع نفث الدم من الصدر، وإن كان من الرئة لم ينفعه، وبه يفرق بينهما، وإذا دُقَّ بعد جفافه وسحق وعجن بماءِ الورد وطلي على الأورام وبخاصة في الأرنبتين وتحت الإبطين حللهما وأبراهما وإن كانت رياحية لم يعمل فيها، وإذا أخذت أطراف ورقة الغصن وجففت وسُحقت وأُخذ منها وزن ثلاثة دراهم في كل يوم مع مثلها سكر نفع من القروح الكائنة في الصدر منفعة عظيمة، ومتى دُقَّ واستخرج ماؤه بالعسل وخل الخمر وطُلي منه بالحمام فتَّح المسام وسمَّن البدن وقوَّاه ومنع من البثور والقروح التي تخرج من الجلد، وأما ورقه اليابس فإذا دقَّ وسحق وغُسل به الرأس مع الخطمي وخل الخمر أذهب الإبرية والحزاز من الشعر وقوىّ أُصوله وإذا دق ونُثر على السعفة بعد أن يندَّى بالخمر العتيق مرارًا سكن ضربانها ومنعها من التزيُّد والترقي،. وإذا نثر على السعفة وقطع عنها بالكليَّة بعد ذلك نزيدت السَّعْفة وعظمت فصار داءً بعد أن كان دواءً، ومضرةً بعد أن كان منفعة. وأما الحصرم فإذا دُقَّ وعُصر ماؤه وطبخ إلى أن يبقى منه النصف وجفف في إناء في الظل وقُرِّص وجُفف أيضًا ورُفع فيحك منه على المسن بماءٍ وتكحل بع العين الجربة فإنه يذهب الجرب في مدة قريبة. وإذا عجن بمائه الأُشنان الأبيض، كانت المنفعة فيه سريعة. وإذا جعل منه جزءٌ في التوتيا جلا البصر وقواه قوة عجيبة.
قال أبقراط: ومما يخص به الشراب من المسامع أنه يذكي الذهن تذكية عجيبة إذا شرب بمقدار ويسدّد الرأي ويدل على الصواب ويغسل الأدران والأوساخ التي في بطون الدماغ ويقوي المسامع ويفتح السُّدد ويصفي الكدر الذي يحدث في العصبتين المجوفتين اللتين يخرج منهما النور من الدماغ إلى العينين ويقويّ البصر ويحفظه ويجوّد النظر ويبقيه مدة طويلة لا يتغير، ويظف ما بين الدماغ والأنف حتى يشُمَّ الأشياء بسرعةٍ وجودة ويقوي اللسان وعصَبَه، ويغسلُ اللهوات فيذوق الإنسان الأشياء بجودةٍ ويميز بينها وبين غيرها، فهو يحفظ البصر والشمَّ والسمع والمذاق. ومنها أنه يقوي سائر الأعضاء ويشدها ويقويِّ الحفظ ويذهب بالنسيان ويغسل الأوساخ الرطبة والأدران اللزجة التي قد سدَّت أوعية المنيّ ومنعته من الخروج إلى الأُنثيين فيمتنع الرجل من الجماع فيقول من لا بصر له، إنه مربوط من السحر، وإذا انفتحت الطرق المسدودة جرى المنيُّ وعاد الجماع إلى حاله. وإذا استعمل الرجل في كل يوم ثلاث أواقٍ منه مع ثلاثة أمثاله لبن حليب غنميّ شهرًا عمل له منيًا كثيرًا غزيرًا، والمولود الذي يتولد من هذا المنيِّ يخرج جميلًا نقي البياض حسن اللون رطب البدن حسن الصورة تام القد.
1 / 65