وترك لموسى بن نصير إخضاع ما بقي من الأندلس، فإنه حينما سمع بفوز طارق المطرد عبر المضيق على عجل بجيش من العرب في صيف سنة 93ه/712م لينال نصيبه كاملا من المجد، وكان عدد رجاله ثمانية عشر ألفا، فاتصل بطارق في طليطلة بعد أن أخضع قرمونة وإشبيلية وماردة، ولم تكن مقابلة القائد الأعلى الفاتح مقابلة ود وصداقة، فإن طارقا حينما سارع إلى لقاء موسى في حفاوة وتكرمة عاجله هذا بالسوط، وأخذ يقرعه ويعنفه على مجاوزة أوامره معلنا أنه لن يستطيع أن يضمن سلامة المسلمين في يد قائد مخاطر مثله، ثم زج به في غيابة السجن.
1
ولما علم الخليفة الوليد بما وقع لطارق وما أصابه من الظلم الذي أثارته الغيرة وصبه الحسد استدعى موسى إلى دمشق، وأعاد طارقا إلى القيادة بإسبانيا.
وقبل أن يعود موسى إلى الشام، كان قد بلغ جبال البرت (البرانس)
2
وأطل منها، فجالت بخياله صورة لفتح أوربا كلها، ولكن دعوة الخليفة عاقته عن الاستمرار في تقدمه، فقام بهذا الأمر غيره.
3
ذلك أن حاكما
4
عربيا تملك في سنة 719م/101ه القسم الجنوبي من الغال المسمى «سبتمانيا» بما فيه من مدينة قرقشونة، وأربونة ... وأخذ من هذين المركزين يغير بجيشه على برغاندي، وأقيتانية، غير أن يوديس دوق أقيتانية استطاع قهر العرب عند أسوار طلوشة (تولوز) سنة 721م/103ه، فلم يفت هذا الغلب في عضدهم، بل حفزهم إلى الاتجاه نحو الغرب، فنهبوا بونة وفرضوا الضرائب والإتاوات على سان، واستولوا على أفينون سنة 730م/112ه وتوالت غاراتهم على الولايات المجاورة.
Página desconocida