لو تتبعنا أسباب نكسات المسلمين في الماضي كسقوط بغداد واحتلال الشام وفلسطين من قبل الصليبيين وسقوط الأندلس لوجدنا أن السبب الظاهر للخاصة والعامة هو تفرق المسلمين، ولو نظرنا لسبب هذا التفرق لوجدناه يكمن في الاتهامات المتبادلة بالضلالة والبدعة والكفر مع الاستغلال السياسي لهذه الطوائف إذ أصبحت كل فرقة ترى أن اليهود والنصارى والصليبيين والمغول أقرب لها من الطائفة الأخرى التي تلتقي معها في الأصول العامة للإسلام.
ولو رجعنا لسبب هذا التبادل في التكفير والتبديع لوجدنا كتب العقائد في الانتظار!! إذ كانت الكتب المؤلفة في (العقائد) هي ذاكرة هذا الفساد كله، ومحور شرعيته ومحطات انطلاق لكل خصومة بين المسلمين إذ أصبح لكل فرقة من المسلمين كتبها التي يوصي بها أتباعها ويتدارسونها ويخطبون بمضامينها مع ما فيها من تجن ومظالم ضد بقية المسلمين ممن لم يكونوا معهم في الرأي أو الجزئيات، فأصبحت الدعوة لمضامين هذه الكتب لا إلى الحق، وظهر نبز الآخرين بالألقاب السيئة والتحلي بالألقاب الحسنة، وأصبح للإسلام أكثر من اسم، وأصبح الانتساب للإسلام غير كاف عند هذه الفرق.
والغريب أن كل الفرق الإسلامية دعواها واحدة فكل فرقة تزعم أنها امتداد للسلف الصالح وللمنهج الصحيح!! وأن الفرقة الأخرى هي المبتدعة المبتعدة عن الطريق الصحيح.
وأصبحت كل فرقة تسرد أسماء بعض علماء الصحابة والتابعين في (سلفها الصالح)!! ثم تدلل على ذلك بأقوال موهمة لهذا الصحابي أو هذا التابعي، وأغلب تلك الأقوال أو الآثار تكون ضعيفة أو موضوعة وإن صحت تكون دلالتها موهمة أو غير صريحة.
Página 20