وفي البخاري عن أنس ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "انصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أو مَظْلومًا"، فقال رجل: يا رسول الله؟ أنصره إذا كان مظلومًا، أفرأيت إن كان ظالمًا كيف أنصره؟ قال: "تَحجِزُه أو تَمْنعُه من الظُّلمِ فإنَّ ذَلِك نَصْرُه"، وفي لفظ: كيف أنصره؟ قال: "تَأْخُذُ فَوقَ يَدِه" (١).
* * *
_________
= القدير ٦/ ٢٥٢، وأخرجه أبو داود عن أبي هريرة في الأدب (باب في النصيحة)، والبزار والقضاعي وابن المبارك في البر. مقاصد (١٢٢٨).
* معنى الحديث:
قوله: (مرآة المؤمن ... إلخ) كل إنسان مشهده عائد عليه، ومن ثم قالوا: من مشهدك يأتيك روح مددك، قال بعض العارفين: كن رداء وقميصًا لأخيك المؤمن، وحطه من ورائه واحفظه في نفسه وعرضه وأهله، فإنك أخوه بالنص القرآني، فاجعله مرآة ترى يها نفسك، فكما يزيل عنك كل أذى تكشفه لك المرآة، فأزل عنه كل أذى به عن نفسه. من فيض القدير ٦/ ٢٥٢.
(١) حديث أنس عند البخاري في باب اللقطة (٢٤٤٣) و(٢٤٤٤)، وفي باب الإِكراه (٦٩٥٢)، قال الحافظ: قوله: "تأخذ فوق يديه" كنى به عن كفه عن الظلم بالفعل إن لم يكن بالقول، وعبر بالفوقية: إشارة إلى الأخذ والاستعلاء والقوة ... قال ابن بطال: النصر عند العرب: الإِعانة، وتفسيره لنصر الظالم بمنعه من الظلم: من تسمية الشيء بما يؤول إليه، وهو من وجيز البلاغة. قال ابن المنير: فيه إشارة إلى أن الترك كالفعل في باب الضمان وتحته فروع كثيرة.
لطيفة: ذكر المفضل الضبي في كتابه "الفاخر": أن أول من قال (انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا) جندب بن العنبر بن عمرو بن تميم، وأراد بذلك ظاهره، وهو ما اعتاده من حمية الجاهلية، لا على ما فسره النبي ﷺ، وفي ذلك يقول شاعرهم:
إذا أنا لم أنصر أخي وهو ظالم ... على القوم لم أنصر أخي حين يظلم
انتهى، من فتح الباري ٥/ ٣٨٨.
1 / 56