لقاء العشر الأواخر بالمسجد الحرام (١٩)
القول المعروف في فضل المعروف
تأليف
العلامة مرعي بن يوسف الكرمي المقدسي الحنبلي توفي سنة ١٠٣٣ هـ رحمه الله تعالى
اعتنى به وخرج أحاديثه
محمد أبو بكر عبد الله باذيب
عن نسخة أصلية بخط مصنفه
ساهم بطبعه بعض أهل الخير من الحرمين الشريفين ومحبيهم
دار البشائر الإسلامية
Página desconocida
جميع الحقوق محفوظة
الطبعة الأولى
١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م
دار البشائر الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع
هاتف: ٧٠٢٨٥٧ - فاكس: ٧٠٤٩٦٣ - ٠٠٩٦١١
بيروت - لبنان ص ب: ٥٩٥٥/ ١٤
e-mail: [email protected]
1 / 2
بسم الله الرحمن الرحيم
في رحاب المسجد الحرام، وفي أجواء العشر الأواخر من الشهر الكريم، شهر رمضان المبارك، في تلك الأجواء الإِيمانية البديعة، تجتمع نخبة من أهل الفضل والعلم (١)، تتباحث في مسائل العلم وأحوال التراث الإِسلامي الذي لا يزال مغمورًا في بحار النسيان، وكل منهم يدلي بدلوه في هذا المضمار، فينقِّب عن تلك الكنوز، ويبحث في أعماق الفهارس عن درر تلك المصنفات التي تشبه بالدرر في باطن الأصداف. وهذا من العمل المبرور والسعي المشكور، جزا الله من يقوم عليه خير الجزاء.
وقد أسعدني الحظّ بتعرُّفي على هؤلاء الإِخوة والشيوخ الكرام أهل العلم والفضل، فرحَّبوا بي أيَّما ترحيب، وحدثتهم عن هذه الرسالة وعن
_________
(١) وهم: الشيخ الفاضل نظام محمد صالح يعقوبي من علماء البحرين؛ والبحاثة الأخ العزيز الشيخ محمد بن ناصر العجمي، الكويتي، صاحب المصنفات الممتعة؛ والأستاذ الفاضل رمزي سعد الدين دمشقية، صاحب "دار البشائر الإِسلامية"، الذي ما فتئ ينشر العلم ويخرج الكتب النافعة في أبهى الحلل؛ وأستاذي العزيز، صاحب الأفضال الكثيرة علي، الشيخ أبو أحمد مجد بن أحمد مكي الحلبي، الذي يعتبر منزله في جدة نافذة للاتِّصال والاجتماع بأهل العلم والفضل من أنحاء العالم الإِسلامي، وهو الواسطة في تعرُّفي بمن ذكرت، فله مني أجلّ تقدير واحترام.
1 / 3
النسخة التي لدي، وكانوا قد عزموا على نشرها اعتمادًا على النسخة المصرية، وكلَّفوا بذلك العمل بعضَ الإِخوة، ولكوني قد قمت بالعمل في هذا الكتاب وخرَّجت أحاديثه، فحرصًا منهم على حفظ الجهود وعدم تكرر العمل: أوعزوا إليَّ بإتمام عملي فيه .. فقمتُ بذلك وأتممته على الوجه الذي يراه القارئ الكريم، فأرجو أن أكون قد وفقت في عملي هذا، وأرجو أن يكون عملي خالصًا لوجه الله الكريم.
ولهذه النخبة مني كل شكر وتقدير على ترحيبي بينهم، أعاننا الله وإياهم، ووفَّقنا لخدمة ديننا الحنيف، وخدمة تراثنا الإِسلامي وعلوم أسلافنا الصالحين، آمين اللَّهُمَّ آمين.
محمد أبو بكر باذيب
جُدة، غرة شوال ١٤٢٠ هـ
1 / 4
تمهيد من معاني المعروف ومدلولاته
قال ابن منظور (١): (والمعروف: ضد المنكر، والعُرف والمعروف: الجود، وقيل: اسم ما تبذله وتسديه، وقوله تعالى: ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: ١٥]، أي: مصاحبًا معروفًا، قال الزجاج: المعروف هنا: ما يستحسن من الأفعال.
وقد تكرر ذكر المعروف في الحديث، وهو اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله والتقرُّب إليه والإِحسان إلى الناس، وكل ما ندب إليه الشرع ونهى عنه من المحسّنات والمقبّحات، وهو من الصفات الغالبة، أي: أمر معروف بين الناس، إذا رأوه لا ينكرونه ...) (٢).
وقال ابن العربي (٣): (حقيقة المعروف: المعلوم، لكنه أطلق في العربية على خير منفعة يستحمدها جميع الناس مما يجب على المرء فعله أو يستحب، ومعنى تسميته بذلك: أنه أمر لا يجهل، ومعنًى لا يختلف فيه كل أحد). انتهى (٤).
_________
(١) ابن منظور محمد بن مكرم الإِفريقي المصري (٦٣٠ - ٧١١) صاحب لسان العرب، ترجم له ابن حجر في الدرر الكامنة.
(٢) انظر مادة (عرف) من اللسان.
(٣) القاضي أبو بكر بن العربي المالكي: محمد بن عبد الله المعافري (٤٦٨ - ٥٤٣)، صاحب "أحكام القرآن". الأعلام ٦/ ٢٣٠.
(٤) فيض القدير ٢/ ٤٤١ حديث (٢٢٤٥).
1 / 5
وللقصري (١) ﵀ معنى لطيف وتعبير رائق عن المعروف، كتبه بقلم الحكيم العارف، فقال رحمه الله تعالى: (المنكر والمعروف ضدان، كالليل والنهار، إذا ظهر هذا غاب هذا، وفي ذلك حكمة عظيمة لمن تفطن لها، فإن المعروف مأخوذ من (العُرف) الذي هو: العادة التي عرفها الناس، والمنكر: هو الذي أنكرته العقول والقلوب عند رؤيته، فالمنكر لا أصل له فإنه مجهول ومنكور في أصل الخلقة.
فإن المعروف الحقَّ الذي لم يزل ولا يزال: هو اللهُ. ومخلوقاتُه في الملك والملكوت والعرش والجبروت لم تعرفْ إلَّا إيَّاه ربًّا، ولم تعرفْ طاعةً إلَّا طاعته، فكان التعبد له والقيام بحقه هو المعروف فقط.
فلما خُلق آدم ﵇ وخلق إبليس وذريتهما وحدثت المعاصي عند الثقلين، صار العصيان منكرًا، أي: أنكره العقل؛ لأنه لم يألفه ولم يعهده، وليس له أصل في العرف المتقدِّم.
ولهذا .. إذا كان المنكر مخفيًّا غير ظاهر لا يضر غير صاحبه الذي ظهر على قلبه وجوارحه فقط؛ لأنه شبيه بأصله لم يعرفه أحد، فإذا ظهر وفشى: وجب تغييره وردّه إلى أصله بإنكار النفس واللسان واليد، حتى لا يبقى إلَّا المعروف الذي لم يزل معروفًا قديمًا وحديثًا). انتهى (٢).
هذا نزر من معاني المعروف ومدلولات هذه الكلمة الحاوية لأصناف وأنواع البر والخير والإِحسان، ومن أراد التوسع فعليه بمعاجم اللغة وقواميسها يجد فيها الكثير والكثير.
* * *
_________
(١) القصري: فتح بن موسى الجزيري المصري، توفي سنة ٦٦٣، الأعلام.
(٢) فيض القدير ٢/ ٤٤١، شرح الحديث رقم (٢٢٤٥).
1 / 6
ترجمة المصنف (١): الشيخ مرعي الكرمي
(٠٠٠ - ١٠٣٣ هـ = ٠٠٠ - ١٦٢٤ م)
مرعي بن يوسف بن أبي بكر بن أحمد بن أبي بكر بن يوسف الكرمي ثم المقدسي ثم المصري الحنبلي.
قال المحبِّي: كان فقيهًا محدِّثًا ذا اطِّلاع واسع على نقول الفقه ودقائقه، ومعرفة تامَّة بالعلوم النقلية والعقلية، وجميع العلوم المتداولة له فيها اليد الطولى.
والكرمي: نسبة لطور كرم (٢) قرية بقرب نابلس، ولد بها، ولم يذكر كل من ترجم له سنة مولده.
_________
(١) اعتمدت فيما نقلته على: السحب الوابلة لابن حميد النجدي ط: مكتبة الإِمام أحمد ١٤٠٩ هـ: ٢٦٣ - ٢٦٧، والأعلام للزركلي ٧/ ٢٠٣، ومقدمة كتاب إرشاد ذوي العرفان للمصنف، لبسام الجابي، ونقل فيها الترجمة التي وضعها الشيخ شعيب الأرنؤوط للمصنف ونشرف في مجلة البصائر (العدد الخامس) وفيها تفصيل ذكر مؤلفاته ما طبع وما هو مخطوط منها مع ذكر أماكن وجودها.
(٢) وهي المعروفة اليوم بـ (طول كرم)، باللام، تقع شمال غريب نابلس، بينها وبين البحر سهول خصبة، كانت تسمَّى في عهد صلاح الدين الأيوبي "الطراز الأخضر". بسام الجابي، مقدمة إرشاد ذوي العرفان.
1 / 7
مذهبه:
كان ﵀ يقلد في الفروع مذهب إمام أهل السنَّة أحمد بن حنبل، لا يكاد يخرج عنه قِيد شعرة، وكان محققًا للمسائل، عارفًا بالمذهب، عاشقًا له، وفي ذلك يقول:
لئن قلد الناس الأئمة إنني ... لفي مذهب الحبر ابن حنبل راغب
أقلد فتواه وأعشق قوله ... وللناس فيما يعشقون مذاهب
قال في "النعت الأكمل": وكان الشيخ في الاعتقاد على مذهب السلف الصالح رضوان الله عليهم من التسليم المطلق للنصوص، وعدم تأويلها وصرفها عن ظاهرها كما يظهر جليًّا في كتابه: "أقاويل الثقات".
شيوخه ومنصبه:
أخذ عن عدد من الشيوخ ببيت المقدس، منهم:
١ - الشيخ محمد المرداوي.
٢ - والقاضي يحيى الحجاوي.
ودخل مصر واستوطنها وأخذ بها عن:
١ - الشيخ محمد حجازي الواعظ (٩٥٧ - ١٠٣٥).
٢ - والشيخ المحقق محمد الغنيمي.
وعن كثير من الشيوخ المصريين، وكلهم أجازوه، وتصدَّر للإِقراء والتدريس بجامع الأزهر، ثم تولَّى المشيخة بجامع السلطان حسن.
مؤلفاته:
قال في السُّحُب: كان منهمكًا على تحصيل العلوم انهماكًا كليًّا،
1 / 8
فقطع زمانه بالإِفتاء والتدريس والتحقيق والتصنيف، فسارت بتآليفه الركبان، ومع كثرة أعدائه وأضداده ما أمكن أحدًا أن يطعن فيها ولا أن ينظر بعين الازدراء إليها.
وعدد في السُّحُب نحو سبعين كتابًا من تآليفه، وميَّز الأستاذ شعيب الأرنؤوط في ترجمته للمصنف ما طبع منها مما لا يزال مخطوطًا، وما له وجود مما لم يوجد في المكتبات العالمية.
(أ) فممَّا طبع منها:
١ - غاية المنتهى، في الفقه، متن جمع فيه من المسائل أقصاها وأدناها، مشى فيه على سنن المجتهدين في التصحيح والاختيار والترجيح. طبع في دمشق ١٩٥٩ م، في ثلاثة أجزاء، صادرًا عن دار السلام.
٢ - دليل الطالب، في الفقه، اختصره من "منتهى الإِرادات" لابن النجار الحنبلي، نشره المكتب الإِسلامي سنة ١٩٦١ م بتعليقات الشيخ محمد بن مانع.
٣ - أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات المتشابهات، نشرته مؤسسة الرسالة بتحقيق الأستاذ شعيب الأرنؤوط (١).
٤ - الشهادة الزكية في ثناء الأئمة على ابن تيمية، نشرته دار الرسالة بتحقيق نجم عبد الرحمن خلف.
_________
(١) علمت من بعض الإِخوة أن بعض الباحثين قام بتحقيق هذا الكتاب وقدمه كرسالة علمية في الجامعة الإِسلامية بالمدينة المنورة، وأن فيه ترجمة موسعة للمصنف، ولم أقف عليه بعد.
1 / 9
٥ - إرشاد ذوي العرفان لما للعمر من الزيادة والنقصان. طبع مرة بتحقيق مشهور سلمان، وأخرى بتحقيق بسام الجابي، وصدر عن دار ابن حزم ١٤١٤ هـ.
٦ - الفوائد الموضوعة في الأحاديث الموضوعة، تحقيق محمد الصباغ، ط: المكتب الإِسلامي ١٩٧٧ م.
وقد طبع له مؤلفات أخرى، لا أطيل بذكرها.
(ب) ومما لا يزال مخطوطًا:
١ - تحقيق البرهان في إثبات حقيقة الميزان، منه نسخة في باريس ١٠٢٦، وفي (باتنة) ٢/ ٤٢٨.
٢ - تشويق الأنام إلى حج بيت الله الحرام، منه نسخة في لا يبزغ (ألمانيا الشرقية) ٢٧٧.
٣ - إحكام الأساس في قوله تعالى: ﴿إنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ﴾ [آل عمران: ٩٦]. منه نسخة في دار الكتب المصرية، فهرست الخديوية ٣/ ٢٧٠.
٤ - رسالة فيما وقع في كلام الصوفيين من ألفاظ موهمة للتكفير، منه بدار الكتب المصرية، فهرست الخديوية ٧/ ٥٤٦.
٥ - قلائد العقيان في فضائل سلاطين آل عثمان. فرغ منه سنة ١٠٣١، منه نسخة في (فيينا) ٩٧٩ و٩٨٠، وفي باريس ١٦٢٤ و٤٩٢٦، وبالهند والرباط والموصل.
هذا، وفي ترجمة المصنف في مجلة البصائر (العدد الخامس)
1 / 10
تفصيل لا بأس به لمصنفاته المطبوعة والمخطوطة ومواضع وجودها في المكتبات، فليرجع إليها من أراد التوسع.
وفاته:
توفي ﵀ بمصر، في ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين وألف (١٠٣٣ هـ) من الهجرة النبوية، على صاحبها أفضل صلاة وأزكى تسليم وتحية.
قال فيه صاحب النعت الأكمل:
سقى الله تربًا ضمَّه وابل الحيا ... بجنات عدن آمنًا من مخاوف
ولا زال رضوان الإِله مبارِكًا ... ثرى ضمَّه ما حنَّ بيت لطائف
* * *
1 / 11
هذا الكتاب
عبارة عن أربعين حديثًا جمعها مصنفها في فَضل عمل المعروف ومساعدة الآخرين، غالبها من الجامع الصغير للسيوطي وقليل منها لم ترد فيه.
وهذه الأربعين الحديث مفيدةٌ في بابها، وإن كان المصنف قد سبق في هذا المضمار من علماء متقدِّمين، وحفَّاظ كبار قد جمعوا هذه الأحاديث المتعلقة بهذا الموضوع في أجزاء حديثية مستقلة، وفيما يلي ذكرهم.
ذكر من صنف في الموضوع:
لعل أول من صنف كتابًا في أحاديث المعروف وفضل قضاء الحوائج: هو الإِمام المحدث الشهير أبو بكر بن أبي الدنيا (توفي حدود ٢٨٠) في كتابه (قضاء الحوائج) وفيه ١١٧ ما بين حديث وأثر في الموضوع، وقد طبع بتحقيق مجدي السيِّد إبراهيم، وصدر عن مكتبة القرآن بمصر، ولم يعتن المحقق بالتخريج كل العنثية.
وهناك الحافظ أبو الغنائم محمد بن علي النرسي (ت ٥١٠) في جزء حديثي سمَّاه: "ثواب قضاء حوائج الإِخوان"، طبع بتحقيق الدكتور عامر
1 / 12
حسن صبري، وصدر عن دار البشائر الإِسلامية ١٤١٤ هـ، ضمن سلسلة الأجزاء الحديثية، ويظهر جليًّا جهد المحقق في التخريج والعزو.
هذا ما وقفت عليه من المصنفات في هذا الموضوع، أما موضوع "مكارم الأخلاق" وهو عام يشمل ما نحن بصدده وغيره فالكتب فيه كثيرة، وقد تكفل الدكتور فاروق حمادة باستعراض عدد منها في مقدمة تحقيقه لمكارم الأخلاق للحافظ الطبراني، الصادر عن دار الثقافة بالمغرب (الدار البيضاء).
وصف النسخة الخطية:
عثرت على نسخة أصلية للكتاب وهي بخط المصنف، بمنزل جدي لأمي المرحوم عوض بن معروف باذيب (١) في مكتبته الخاصة ببلدنا (شبام حضرموت)، إحدى أقدم وأشهر البلدان الحضرمية الواقعة في (جنوب اليمن).
_________
(١) هو جدي لأمي الشيخ الفاضل أحد العقلاء وأهل الرأي والمشورة ببلده: عوض بن معروف بن محمد باذيب الشَبَامي. مولده بشبام حضرموت سنة ١٣١٤ للهجرة، وبها وفاته سنة ١٤٠٢ رحمه الله تعالى.
وهذه الرسالة وجدتها ضمن ما تبقَّى من كتب المذكور التي ورثها عن آبائه، إذ أحرقت الكثير والكثير من كتب أهل حضرموت في عهد الشيوعية المظلم -الذي انتهى وزال قبل عشر سنوات من اليوم- فقد كان الناس آنذاك ﴿عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ﴾ [يونس: ٨٣]، وقد زال هذا الكابوس بحمد الله وتنفَّس أهل حضرموت الصعداء بعد أن كتمت أنفاسهم طوال ربع قرن مضى، فالحمد لله ثم الحمد لله.
وقد وضعت فهرسًا لما وقفتُ عليه من المخطوطات في بلدتي المذكورة لا يزال في طَوْر الإِعداد، يسَّر الله إتمامه.
1 / 13
تقع النسخة في ٣٤ صفحة من القطع المتوسط، مسطرتها بين ٩ و١٠ أسطر، بخط نسخي واضح، كتبها جامعها سنة ١٠٣١ هجرية، أي قبل وفاته بسنتين بالجامع الأزهر، كتب على صفحة العنوان ما مثاله:
كتاب القول المعروف في فضل المعروف رقمه بخطه مصنفه
برسم سيدنا شيخ الإِسلام ملك العلماء الأعلام، فخر الموالي العظام، مفرد الزمان إلَّا أنه قائم مقام الجمع، والمستغرق لأوصاف الإِنسان عند كل منطق وسمع، الحبر الذي فاق بصفاته الأوائل، والبحر المشتمل بذاته على جواهر الفضائل، مولانا صدر الدين زاده، لا زال ممن إذا مد يراع قلمه أفرغ فرائد من البحور، وجعلها بعزائم هممه قلائد بيض النحور).
ويظهر من هذا أنَّ المصنف ألفه وأهداه لمن ذكر، ولكني لم أحظ بترجمة لـ (صدر الدين زاده) هذا، ويظهر أنه من العلماء لتلقيبه له بـ (شيخ الإِسلام).
وفي آخر النسخة:
(تم بخط المؤلف مرعي الحنبلي المقدسي خادم الفقراء بالجامع الأزهر، في أوائل ذي الحجة من شهور سنة إحدى وثلاثين وألف)
وذيَّلها بفائدة في نحو ستة عشر سطرًا، تدور حول الموضوع، وقد جعلتها في الحاشية ولم أحذف منها شيئًا.
وتوجد نسخة أخرى من الكتاب بدار الكتب المصرية، الخزانة التيمورية ٢٧٢ مجاميع، وتقع في خمس ورقات بخط نسخي معتاد، وعدد
1 / 14
مسطرتها ٢٥ سطرًا، ولم يكتب اسم الناسخ ولا سنة النسخ، ولا يوجد بينها وبين نسخة الأصل فروق جوهرية (١).
عملي في الكتاب:
قمتُ بنسخ الأحاديث، وضبطها، ورجعتُ إلى الكتب الحديثية لعزوها وتخريجها، وذكرت ما قاله المحدِّثون وأهل الجرح والتعديل في إسناد كل حديث غالبًا، من كلام على الرجال ونحو ذلك، وذلك باختصار بقدر الإِمكان.
وعلَّقت بعض الفوائد على بعض الأحاديث نقلًا عن "فيض القدير" للعلَّامة المناوي على الجامع الصغير للسيوطي، حيث إن معظم الأحاديث وردت فيه.
ولم أترجم للصحابة الرواة لشهرتهم، ولتوفر مصادر تراجمهم كالإِصابة وغيرها، كذلك لم أترجم لشيوخ المصنف واكتفيت بالعزو إلى المصادر.
وقدَّمت لهذا العمل بمقدمة مختصرة، وترجمت للمصنف، ووصفت النسخة الخطية التي حصلت عليها، وعملت في آخر الكتاب فهارس للأحاديث الشريفة الواردة مرتبًا لها هجائيًّا، يتلوه فهرس المراجع، ثم الفهرس العام.
وإني لأرجو بعملي هذا أن أدخل في بركة الحديث الشريف وأهله، وشرف المنتسبين إليه، وما قمت به إنما هو جهد المقِل، وأستغفر الله من كل خطأ وتقصيره لي ولوالدي ولشيوخي وكافة المسلمين.
_________
(١) وقد أتحفني بمصورة منها الأخ الباحث خالد مدرك المغربي، فجزاه المولى عني خير الجزاء.
1 / 15
سندي إلى المصنف:
أروي هذا الكتاب عن الشيخ العالم الفاضل نظام بن محمد صالح يعقوبي البحريني قراءة، وإجازة، وهو يرويها عن مسند العصر الشيخ محمد ياسين الفاداني المكي ﵀، عن الفقيه الشيخ محمود السيد الدومي الحنبلي الدمشقي، عن شيخه الشيخ مصطفى الشطي، عن أبيه الشيخ أحمد الشطي، عن أبيه حسن بن عمر الشطي، عن مصطفى الرحيباني، عن الشيخ أحمد البعلي الحنبلي، عن العلَّامة الشيخ عبد القادر التغلبي الحنبلي، عن العلَّامة المسند عبد الباقي البعلي الحنبلي الدمشقي، عن الشيخ المصنف، ﵏ أجمعين.
وبهذا السند أروي هذا الكتاب وسائر تصانيف الشيخ مرعي الكرمي (١).
وللشيخ ياسين الفاداني أسانيد وطرق أخرى لا أطيل بذكرها، ومن أرادها فليراجع مصنفاته المطبوعة، وهي كثيرة وشهيرة.
وصلَّى الله على أشرف خلقه وأكرم عبيده سيدنا ومولانا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وسلِّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
سبحان ربك ربِّ العزَّة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
محمد بن أبي بكر بن عبد الله باذيب الحضرمي
جُدة يوم الجمعة ثاني أيام عيد الفطر المبارك من عام ١٤٢٠ للهجرة
_________
(١) انظر (إتحاف المستفيد بغرر الأسانيد)، للشيخ محمد ياسين الفاداني (توفي ١٤١٠ هـ)، ط: دار البصائر.
1 / 16
صورة أول مخطوطة المصنف
1 / 17
صورة آخر مخطوطة المصنف
1 / 18
صورة أول مخطوطة دار الكتب
1 / 19
صورة آخر مخطوط دار الكتب
1 / 20