هشت بيدها ذبابة على وجهها، فوسوست أساورها الذهبية المحيطة بساعدها وهي تقول: أنا مرافقة وأبحث عن زوج. - مرافقة؟ من السعيد ابن ال ...
قاطعته وهي تشير إليه محذرة: إياك والسب، إنه رجل ذو مقام.
فقال وهو يلحظها ساخرا: ذو مقام؟ هق، هق، زنوبة! ... أود لو أنطحك. - أتذكر متى تقابلنا آخر مرة؟ - أوه، ابني رضوان عمره الآن ستة أعوام، فنكون قد تقابلنا آخر مرة منذ سبعة أعوام ... تقريبا. - عمر طويل. - ولكن لا ينبغي لحي أن ييئس في هذه الدنيا من اللقاء. - ولا الفراق. - الظاهر أنك خلعت الوفاء مع الملاءة اللف.
فحدجته بنظرة مقطبة وهي تقول: أتتحدث عن الوفاء يا ثور!
فسره رفع الكلفة إلى هذا الحد وشجع مطامعه، فقال: الله وحده يعلم كم سررت بلقائك، كثيرا ما كنت تخطرين ببالي، ولكنها الدنيا. - دنيا النسوان، هه؟
فقال متظاهرا بالتأثر: دنيا الموت، ودنيا المتاعب. - لا يبدو أنك تحمل للمتاعب هما، إن البغال لتحسدك على صحتك. - لولا أن العين الجميلة لا تحسد. - أتخاف على نفسك! كأنك عبد الحليم المصري طولا وعرضا.
فضحك مختالا، وصمت قليلا، ثم قال بلهجة جديدة جادة: أين كنت ذاهبة؟ - لم تذهب الواحدة إلى التربيعة؟ أم ظننت الناس مثلك لا هم لهم إلا التحكك بالنسوان؟ - مظلوم والله. - مظلوم! لما لمحتك وجدتك تغوص بعينيك في امرأة كالبوابة. - بل كنت شارد الفكر لا أعي فيم أنظر. - أنت! إني أنصح من يروم لقاءك أن ينقب في التربيعة عن أضخم امرأة، وأنا كفيلة بأنه سيجدك وراءها لابدا كما تلبد القراضة في الكلب. - أنت يا ولية لسانك كل يوم يطول عن يوم. - اسم الله على لسانك أنت. - ما علينا، خلينا في الأهم، أين أنت ذاهبة الآن؟ - سأتسوق قليلا، ثم أعود إلى بيتي.
فصمت لحظة كالمتردد، ثم قال: ما رأيك في أن نقضي معا بعض الوقت؟
فلحظته بعينيها السوداوين اللعوبتين، وقالت: ورائي رجل غيور.
فقال وكأنه لم يسمع اعتراضا: في مكان لطيف لنشرب كأسين!
Página desconocida