وقت الجمعة:
اتَّبَعَ مالك، رحمة الله تعالى عليه، ذكر الأوقات بوقت الجمعة وهو الثالث عشر من الأوقات التي بنى عليها.
واختلف فيه فمنهم من قال: إنها تُصلّى في ضحى النهار وابتدائه لأنها صلاة عيد (١)، ومنهم من قال: وقتها وقت الظهر.
وعرضت ههنا مسألة تعلَّق بها شيء من هذا الخلاف وهي أن الجمعة هل هي أصل بنفسها والظهر بدل عنها؟ أم هي بدل والظهر أصل.
اختلف في ذلك العلماء (٢) ووقع في الكتاب (٣) (إِذَا دَخَلَ يَوْمُ الخَمِيسِ يَظُنُّهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ يَوْمُ الجُمُعَةِ يَظُنُّهُ يَوْمَ الخَمِيسِ) (٤). وذكر القولين.
وفيها قول ثالث أنه يجزي فيهما جميعًا. وفيه قول رابع إنه لا يجزي في واحد منهما ونظيرها إن دخل المسافر خلف المقيم أو المقيم خلف المسافر بنية مطلقة أو بنية القصر أو نية الإِتمام موافقًا لنية إمامه أو مخالفًا لها. والصحيح أنه إذا اختلفت نيته مع نيه إمامه بطلت صلاته لأنه إن دخل يوم الخميس ونوى ركعتين فقد زاد في صلاته ما لم ينوِ، وإن دخل يوم الجمعة وهو يظنه يوم الخميس ونوى ركعتين فقد نقض ما يلزمه وكلاهما لا يجوز فكله لا يجزي، وهذا بيِّنٌ فليتأمل، والذي يصح أن الظهر أصلٌ والجمعة بدل لأن النبي، ﷺ،
_________
كما قال الجماعة. فقد اختُلف فيه على مالك وتوبع عن الزهري بخلاف ما جزم به ابن عبد البر. وأما قوله والصواب عند أهل الحديث العوالي فصحيح من حيث اللفظ، ومع ذلك فالمعنى متقارب لكن رواية مالك أخص لأن قباء من العوالي وليست العوالي كل قباء. فتح الباري ٢/ ٢٩. وانظر المنتقى ١/ ١٧ - ١٨، والمسالك ١٢ ب.
(١) العيد بالكسر ما اعتادك من هم أو مرض أو حزن ونحوه ترتيب القاموس ٣/ ٣٣٨. وفي النهاية ٦/ ٣١٦: عاد الشيء يعود عودًا أو معادًا أي رجع.
(٢) قال النووي: قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وجماهير العلماء من الصحابة والتابعين فمن يعدهم: لا تجوز الجمعة إلّا بعد زوال الشمس، ولم يخالف في هذا إلا أحمد بن حَنْبل وإسحاق فجوَّزاها قبل الزوال. قال القاضي: وروي في هذا أشياء عن الصحابة لا يصح منها شيء إلا ما عليه الجمهور وحمل هذه الأحاديث على المبالغة في تعجيلها. شرح النووي على مسلم ٦/ ٤٨. وانظر فتح الباري ٢/ ٣٨٧، والمغني ٢/ ٢٦٤، بداية المجتهد ١/ ١٥٧، الإفصاح لابن هبيرة ١/ ١٦٥.
(٣) الكتاب هو المدوّنة لأن الكلام موجود فيها.
(٤) انظر هذا الكلام في المدونة ١/ ١٠٤.
1 / 86