زهقت فيه أقلام العلماء لأنه لم يكن معنى قوله: وصلى بي الظهر في اليوم الثاني حين صار ظلّ كل شيء مثله لوقت العصر بالأمس فرغ.
لم يكن بيانًا وإذا كان معناه فرغ ضرورة لم يكن اشتراك. وتبين بهذا أن النبي ﷺ، في اليوم الأول بدأ بالعصر حين صار ظلّ كل شيء مثله وفرغ من الظهر في ذلك اليوم في ذلك الوقت، فصار اشتراك آخر الظهر أول وقت العصر والله أعلم.
إلحاق:
كما بيَّنه جبريل للنبي، ﵉، كذلك بيَّنه رسول الله ﷺ، للسائل في حديث أبي موسى (١) وغيره، والذي أدخل مالك منه جزءً وترك سائِره إذ لم يكن كتابه على التطويل والاستيفاء، وخص مما ذكر صلاة الصبح وكانت الفائدة في ذلك أن يبيّن أن في الصبح وقتًا واسعًا اختياريًا متعددًا ردًا على من يقول إنه واحد وأنه وقت ضرورة.
كشف وإيضاح:
نزل جبريل إلى النبي ﷺ، مأمورًا مكلَّفًا لا بتعليم النبي ﷺ، بأصل الصلاة لأنّ الملائكة، وإن كانوا مكلّفين، فبغير شرائعنا. ولكن الله، ﷿، كلَّف جبريل، ﵇، الإبلاع والبيان كيف ما احتِيج إليه قولًا وفعلًا. فإن قرأت بهذا أمرت صحّ أن يخبر به جبريل عن نفسه وإن قرأت أمرتَ، بفتح التاء، فمعناه أنّ الذي أمرت به من الصلاة البارحة مجملًا هذا تفسيره اليوم مفصلًا وهو الأقوى في الروايتين. وبهذا يتبين بطلان قول من يقول إن في صلاة جبريل بالنبي ﷺ، جواز صلاة المعلم بالمتعلم (٢) أو المفترض خلف المتنفل.
وأما حديث عائشة (٣)، ﵂، فدل به مالك، رحمة الله تعالى عليه،
_________
(١) مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب أوقات الصلاة الخميس ١/ ٤٢٥ وأبو داود ١/ ٢٧٩، والنسائي ١/ ٢٦٠ - ٢٦١ كلهم من طريق أبي بكر ابن أبي موسى عن إبيه عن رسول الله، ﷺ، أنه أتاه سائل يسأله عن مواقيت الصلاة فلم يرد عليه شيئًا، قال: فأقام الفجر حين انشق الفجر والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضًا، ثم أمره فأقام بالظهر حين زالت الشمس والقائل يقول قد انتصف النهار ...
(٢) قال الحافظ استدل بهذا الحديث على جواز الائتمام بمن يأتم بغيره، ويجاب عنه بما يجاب به عن قصه أبي بكر في صلاته خلف النبي، ﷺ، وصلاة الناس خلفه فإنه محمول أنه كان مبلغًا فقط، واستدل به أيضًا على جواز صلاة المفترض خلف المتنفل من جهة أن الملائكة ليسوا مكَلَّفين بمثل ما كلّف به الإنس. قاله ابن العربي وغيره. فتح الباري ٢/ ٤.
(٣) متفق عليه البخاري في مواقيت الصلاة باب فضل صلاة الفجر ١/ ١٥١ ومسلم في كتاب المساجد باب استحباب =
1 / 78