على مواظبة النبي ﷺ، على صلاة الصبح مع الفجر ولو كان نفلًا كما قاله أهل العراق (١) ما
اختار حياته كلها لنفسه النفل وترك الفرض.
وأما حديث أبي هريرة، ﵁ (مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلَعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ) (٢).
يقتضي بظاهره أن ركعة واحدة تجزيه وتكفيه، ولكن الأمة أجمعت على أنه لا بدّ أن يضيف لها أخرى.
وفي البخاري (مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبحِ قبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَلْيُصلِّ إِلَيْهِا أُخْرَى) (٣).
كما روى النّسائي وغيره أن النبي ﷺ، قال: (مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْجُمْعَةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْجُمْعَةِ) (٤).
فصل:
قوله: (مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ) استوى ها هنا وقت الضرورة ووقت الاختيار لأنه ليس بعد طلوع الشمس وقت للصبح ولا قبلها وقت ضرورة لها، وكذلك كنا نقول في العصر كما قال الأوزاعي (٥) وأبو حنيفة (٦) لولا قول النبي ﷺ، من طريق أنس وغيره (تِلْكَ صَلاَةُ الْمُنَافَقِيِنَ ثَلاَثًا يَجْلِسُ أَحَدُهُمْ حَتى إذَا
_________
= التبكير بالصبح في أول وقتها وهو التغليس ١/ ٤٤٦، والموطَّأ ١/ ٥، وأبو داود ١/ ٢٩٣، والترمذي ١/ ٢٨٧، والنسائي ١/ ٢٧١ كلهم عن عائشة زوج النبي، ﷺ، قالت: (لَقَدْ كَانَ نِسَاءٌ مِن الْمُؤْمِنَاتِ يَشْهَدْنَ الْفَجَرَ مَعْ رَسُولِ اللهِ، ﷺ، مُتلَفِّعَاتٍ بمُرُوطِهِنَّ ثُمَّ يَنْقَلِبْنَ إِلَى بُيوتِهِنَّ وَمَا يُعْرَفْنَ مِنْ تَغْليسِ رَسُولِ اللِّه ﷺ) لفظ مسلم.
(١) هذا القول يقصد به الأحناف ومن وافقهم لأن هذا مذهبهم أي الإسفار بالصبح. انظر فتح القدير ١/ ١٥٧.
(٢) متفق عليه البخاري في مواقيت الصلاة باب أدرك من الفجر ركعة ١/ ١٥١، ومسلم في كتاب المساجد باب من أدرك ركعة من الصلاة ١/ ٤٢٤، والموطأ ١/ ٦.
(٣) البخاري في مواقيت الصلاة، باب من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب ١/ ١٤٦.
(٤) النسائي ٣/ ١١٢ من حديث أبي هريرة. درجة الحديث صحيح من خلال الإسناد.
(٥) يقول الأوزاعي إن ركع ركعة من العصر قبل غروب الشمس وركعة بعد غروبها فقد أدركها والصبح عنده كذلك. التمهيد ٣/ ٢٧٧ وانظر فقه الأوزاعي ١/ ١٣٠.
(٦) انظر مذهب أبي حنيفة في شرح فتح القدير لابن الهمام ١/ ١٥٣ وهو مثل مذهب الأوزاعي.
1 / 79