عف اللسان عفيف الفرج تحمده ... في كل حال إذات أثرى وإن تربا
يزيده الراح حلمًا والغنا طربًا ... والسكر تقوى واستماع الأذى أدبا
فاشدد يديك بهذا إن ظفرت به ... واكنز مودته، ولا تكنز الذهبا
وقال الحسن بن وهب شربت البارحة على وجه الجوزاء فلما انتبه الفجر نمت، فما عقلت حتى لحفني قميص الشمس.
وقال أبو القاسم الصاحب: قد حملت أوزار السكر على ظهر الخمر، وطوي بساط الشراب، على ما فيه من خطأ وصواب.
وكتب الحسن بن سهل إلى الحسن بن وهب وقد اصطبح في يوم دجن: أما ترى تكافؤ هذا الطمع واليأس من يومنا بقرب المطر وبعده، فكأنه قول كثير عزة:
وإني وتهيامي بعزة بعدما ... تخليت عما بيننا وتخلت
لكالمرتجى ظل الغمامة كلما تبوأ منها للمقيل اضمحلت
وما أصبحت أمنيتي إلا في لقائك، فليت النأي هتك بيني وبينك، ورقعتي هذه وقد دارت زجاجات أوقعت بعقلي ولم تتحيفه، وبعثت نشاطًا حركني للكتاب إليك، فرأيك في إمطاري سرورًا بسار خبرك إذ حرمت السرور بمطر هذا اليون، موفقًا إن شاء الله.
فكتب إليه الحسن بن وهب: وصل كتابي الأمير أيده الله وفمي طاعم ويدي عاملة، فلذلك تأخر الجواب قليلًا، وقد رأيت تكافؤ إحسان هذا اليوم وإساءته، وما استحق ذمًا لأنه إذا أشمس حكى حسنك وضياءك، وإذا أمطر حكى جودك وسخاؤك، وإذا غام أشبه ظلك وفناءك، وسؤال الأمير عني نعمة من نعم الله ﷿ علي. يعفي بها آثار الزمان الشيء عندي، وأنا كما يحب الأمير صرف الله الحوادث عنه، وعن حظي منه.
وقال علي بن الجهم:
أما ترى اليوم ما أحلى شمائله ... صحو وغيم وإبراق وإرعاد
كأنه أنت يا من لا شبيه له ... وصل وهجر وتقريب وإبعاد
وكتب بعض أهل العصر، وهو السري الموصلي إلى بعض إخوانه بقوله:
يوم رذاذ ممسك الحجب ... يضحك فيه السرور من كثب
ومجلس أسبلت ستائره ... على شموس البهاء والحسب
وقد جرت خيل راحنا خببا ... في حلبها أو هممت بالخبب
والتهبت نارنا فمنظرها ... يغنيك عن كل منظر عجب
إذا ارتمت بالشرار واطردت ... على ذارها مطارد اللهب
رأيت ياقوتة ممسكة ... تطير عليها قراضة الذهب
فانهض إلى المجلس الذي ابتسمت ... عنه رياض الجمال والأدب
ومن ملح ما قيل في النار قول أبي الفرج الببغاء:
فحم قدم الغلام فأدلى ... من كونينه حياة النفوس
كان كالأبنوس غير محلى ... فغدا وهو مذهب الأبنوس
لقي النار في ثياب حداد ... فكسته مصبغات عروس
وقال ابن وكيع:
وقر قد طردت بنار راح ... عضدت جنودها بوقود نار
لها شرر كأن الريح منه ... مبددة نثارًا من بهار
وقال الأمير الميكالي:
كأن الشرار على نارنا ... وقد راق منظرها كل عين
سحالة تبر إذا ما علا ... فإما هوى ففتات اللجين
ومن ألفاظ أهل العصر في الاستدعاء إلى الأنس: نحن في مجلس أبت راحته أن تصفو أو تتناولها يمناك، وأقسم غناؤه لا طاب أو تعيه أذناك، فأما خدود نارنجه فقد احمرت خجلًا لإبطائك، وأما عيون نرجسه، فقد حدقت تأميلًا للقائك، [و] نحن لغيبتك كعقد قد ذهبت واسطته، وشباب قد أخذت جدته، وإذا غابت شمس السماء عنا، فلا بد أن تدنو شمس الأرض منا، فإن رأيت أن تحضر لتتصل الواسطة بالعقد، ونحصل بقربك في جنة الخلد، وتسهم لنا في لقائك الذي هو قوت النفس، ومادة الأنس فعلت، فأنت ممن ينظم به شمل الطرب، ويبلغ بلقائه كل أرب، فكن إلينا أسرع من السهم إلى ممره، والماء إلى مقره، وجشمن إلينا قدمك، واخلع علينا كرمك.
وقال أبو الفتح البستي:
رب يوم للعيش فيه رفاغ ... ولكأس السرور فيه مساغ
قد فرغنا للهو فيه وللشر ... ب وما للكؤوس فيه فراغ
وعند حر له قلائد في الأعناق ... من جوهر الأيادي تصاغ
عندنا للبخور غيم وللما ... ورد طش وللغوالي رداغ
وقال أيضًا: قد نظمنا السرور في عقد أنس=وجعلنا الزمان للهو سلكا
وفضضنا الدنان في يوم ثلج ... عزل الغي فيه رشدًا ونكسا
فكأن السماء تنخل كافو ... رًا ونحن نفتق مسكا
وأبو الفتح [البستي] القائل:
1 / 34