لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار والجواب أولا بأن أل في الأبصار للجنس فيصدق بالبعض ولو سلم كون الأبصار للاستغراق وإفادة عموم السلب لا سلب العموم وكون الإدراك هو الرؤية مطلقا على وجه الإحاطة بجوانب المرئي أنه لا دلالة فيه على عموم الأوقات والأحوال فيجوز أن يكون المنفي الرؤية في الدنيا لا في الآخرة وهو المطلوب وقد يستدل على جواز الرؤية إذ لو امتنعت مطلقا لما حصل التمدح بنفيها كالمعدوم لا يمدح بعدم رؤيته لامتناعها وإنما التمدح أن يمكن رؤيته ولا يرى للتمنع والتعزز بحجاب الكبرياء وإن جعلنا الإدراك عبارة عن الرؤية على وجه الإحاطة بالجوانب والحدود فدلالة الآية على جواز الرؤية بل تحققها أظهر لأن المعنى أن الله تعالى مع كونه مرئيا لا يدرك بالأبصار لتعاليه على التناهي والاتصاف بالحدود والجوانب ومن أدلتهم أن الآية الواردة في سؤال الرؤية مقرونة بالاستنكار والاستعظام والجواب إن ذلك لتعنتهم وعنادهم في طلبها لا لامتناعها وإلا لمنعهم موسى عليه السلام عن ذلك كما فعل حين سألوه أن يجعل لهم آلهة فقال بل أنتم قوم تجهلون فهذا مشعر بإمكان الرؤية في الدنيا أيضا وبهذا اختلفت الصحابة رضي الله عنهم في أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه ليلة المعراج والاختلاف في الوقع دليل الإمكان كما سيأتي الإعراب يراه مضارع من الرؤية البصرية والضمير البارز في محل نصب مفعوله عائد إلى الله والمؤمنون فاعل يرى وبغير كيف متعلق بيرى ومحله نصب على الحال اللازمة من مفعول يرى أو صفة للرؤية المقدرة المفهومة من يرى والتقدير يرى المؤمنون ربهم حال كونه مغايرا للكيفيات وإدراك عطف على كيف وكذا ضرب والمراد به النوع أو ضرب المثل والمثال الصورة ومن زائدة أي بغير تشبيه وتصوير تتمة رؤية الله تعالى في الدنيا هل هي جائزة عقلا يقظة ومناما تردد فيه الأئمة فمنهم من قال بالجواز ومنهم من قال بالمنع ومنهم من توقف ثم الراجح إن نبينا صلى الله عليه وسلم رأى به بعين رأسه ليلة المعراج مرة أو مرتين على الخلاف بدليل قوله تعالى ثم رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى وأما غيره فقد قال في الشيبانية و ومن قال في الدنيا يراه بعينه فذلك زنديق طغى وتمردا وأما في المنام فذهب طائفة إلى أن رؤيته في المنام مستحيلة لأنه لا يرى في المنام إلا خيال ومثال وصورة وكلها على الله محال وجوز ذلك جماعة من غير كيفية وجهة ومقابلة ونقل ذلك عن كثير من السلف أنه رأى ربه في المنام منهم عبد الله بن عباس رضي الله عنه وحكي ذلك عن أبي حنيفة رضي الله عنه وعن أبي يزيد أنه قال رأيت ربي في المنام فقلت له كيف
Página 43